إلا من جنس المزيد .. مجرد دعوى لا دليل عليها، بل يردها ما ذكره هو بقوله: كما لو ابتاع بدرهم ... إلى آخره، وقال الحافظ في "الدراية": ليس في قوله: "زادكم" دلالة على وجوب الوتر؛ لأنه لا يلزم أن يكون المزاد من جنس المزيد عليه؛ فقد روى محمد بن نصر المروزي في الصلاة من حديث أبي سعيد ورفعه: "إن الله زادكم صلاةً إلى صلاتكم هي خير لكم من حُمْرِ النعَم ألا وهي الركعتان قبل الفجر"، وأخرجه البيهقي، ونُقل عن ابن خزيمة أنه قال: لو أمكنني لرحلت في هذا الحديث. انتهى، انتهى من "التحفة".
أي: قد أمدكم وزادكم على ما فرض عليكم (بصلاة لهي خير لكم من حُمْرِ النعم) ألا وهي (الوتر؛ جعله الله لكم) أن تصلوه (فيما بين) فعل (صلاة العشاء) الآخرة (إلى أن يطلع الفجر) الصادق.
قوله:(حُمْرِ النعم) -بضم الحاء وسكون الميم- جمع أحمر، والنَّعَمُ الإبل، وهو من قبيل إضافة الصفة إلى الموصوف، وضرب المثل بها ترغيبًا للعرب فيها؛ لأن حُمْر النعم أعزُّ الأموال عندهم، فكانت كناية عن أنها خير من الدنيا كلها؛ لأنها ذخيرة الآخرة التي هي خير وأبقى، قوله: "الوتر" بالجر بدل من صلاة، بدل معرفة من نكرة، وبالرفع خبر لمبتدأ محذوف؛ تقديره: أي: هي الوتر. انتهى "تحفة الأحوذي".
قال الخطابي: الحديث يدل على أنها غير لازمة لهم، ولو كانت واجبةً .. لخرج الكلام على صيغة لفظ الإلزام، فيقول: فرض عليكم وألزمكم أو نحو ذلك من الكلام، وقد روي أيضًا في هذا الحديث أن الله قد زادكم صلاة، والزيادة إنما تكون في النوافل؛ وذلك أن نوافل الصلاة شَفْعٌ لا وتر فيها، فقيل: