(أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: الوتر حق) أي: ندب مؤكد؛ (فمن شاء .. فليوتر بخمس) ركعات، (ومن شاء .. فليوتر بثلاث) ركعات، (ومن شاء .. فليوتر بواحدة) أي: بركعة واحدة.
قوله:"الوتر حق" وفي رواية أبي داوود: "الوتر حق على كل مسلم" وهو دليل لمن قال بوجوب الوتر، وقد ذهب الجمهور إلى أن الوتر غير واجب، بل سُنَّة، وخالفهم أبو حنيفة فقال: إنه واجب، وروي عنه أنه فرض، قال ابن المنذر: لا أعلم أحدًا وافق أبا حنيفة في هذا، وأورد صاحب "المنتقى" حديث ابن عمر أنه صلى الله عليه وسلم أوتر على بعيره، رواه الأئمة الستة للاستدلال به على عدم الوجوب؛ لأن الفريضة لا تصلى على الراحلة، وكذلك إيراده حديث أبي أيوب للاستدلال بما فيه من التخيير على عدم الوجوب.
ومن الأدلة الدالة على عدم وجوب الوتر ما اتفق عليه الشيخان من حديث طلحة بن عبيد الله، قال: جاء رجل إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم من أهل نجد ... الحديث، وفيه: فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "خمس صلوات في اليوم والليلة" قال: هل على غيرها؟ قال:"لا، إلا أن تطوع"، وروى الشيخان أيضًا من حديث ابن عباس أن النبي صلى الله عليه وسلم بعث معاذًا إلى اليمن ... الحديث، وفيه:"فأعلمهم أن الله افترض عليهم خمس صلوات في اليوم والليلة"، وهذا من أحسن ما يستدل به؛ لأن بعث معاذ كان قبل وفاته صلى الله عليه وسلم بيسير، وأجاب الجمهور أيضًا عن الأحاديث المشعرة بالوجوب بأن أكثرها ضعيف؛ وهو حديث أبي هريرة وعبد الله بن عمرو وبُريدة وسليمان بن صرد وابن عباس وابن عمر وابن مسعود وابن أبي أوفى