يميل إلى السواد، وقد أخذ من هذا الحديث أن قتلها لا يفسد الصلاة، لكن قد يقال: يكفي في الرخصة انتفاء الإثم في إفساد الصلاة بقتلها، وأما إبقاء الصلاة وصحتها بعد هذا الفعل .. فلا يدلُّ عليه الرخصة، تأمل. انتهى منه.
قال الخطابي في "المعالم": فيه دلالة على جواز العمل اليسير في الصلاة، وأن موالاة الفعل مرتين في حالة واحدة لا تفسد الصلاة؛ وذلك أن قتل الحية غالبًا إنما يكون بالضربة أو الضربتين، وأما إذا تتابع العمل وصار في حد الكثرة .. بطلت الصلاة، وفي معنى الحية كلّ مضر مباح قتله؛ كالزنابير، والشِّبْثَانِ - بكسر الشين المعجمة وسكون الموحدة وفتح المثلثة بعدها ألف ونون - جمع شَبَث بفتحتين، ويجمع أيضًا على أشباث؛ وهي دويبة تكون في الرمل كثيرة الأرجل من أحناش الأرض، ونحوهما، ورخص عامة أهل العلم في قتل الأسودين في الصلاة إلَّا إبراهيم النخعي، والسنة أولى وأحق بالاتباع. انتهى من "العون".
واعلم: أن الأمر بقتل الحية والعقرب مطلق غير مقيد بضربة أو ضربتين، وقد أخرج البيهقي من حديث أبي هريرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "كفاك للحية ضربة أصَبْتَها أم أخطَأْتَها"، وهذا يوهم التقييد بضربة، قال البيهقي: هذا إن صح .. فإنما أراد - والله أعلم - وقوعَ الكفاية بها في الإتيان بالمأمور، فقد أمر صلى الله عليه وسلم وأراد - والله أعلم - قَتْلَها بالزيادة إذا امتنعت بنفسها عند الخطأ، ولم يرد به المَنْعَ من الزيادة على ضربة واحدة.
ثم استدل البيهقي على ذلك بحديث أبي هريرة عند مسلم: "من قتل وزغة في أول ضربة .. فله كذا وكذا حسنة، ومن قتلها في الضربة الثانية .. فله كذا