وهو أن خسوف القمر عبارة عن امحاء ضوئه بتوسط الأرض بينه وبين الشمس من حيث أنه يقتبس نوره من الشمس، والأرض كرة والسماء محيطة بها من الجوانب، فإذا وقع القمر في ظل الأرض .. انقطع منه نور الشمس، وأن كسوف الشمس معناه وقوعُ جِرْمِ القمر بين الناظر والشمس؛ وذلك عند اجتماعهما في العِقْدَين في الدائرتين على دقيقة واحدة.
قال ابن القيم: إسناد هذه الزيادة لا مطعن فيه، ورواته كلهم ثقات حفاظ، ولكن لعل هذه اللفظة مدرجة في الحديث من كلام بعض الرواة، ولهذا لا توجد في سائر أحاديث الكسوف، فقد رَوى حديث الكسوف عن النبي صلى الله عليه وسلم بضعة عشر صحابيًا فلم يذكر أحد منهم في حديثه هذه اللفظة، فمن هنا نشأ احتمال الإدراج، قال السبكي: قول الفلاسفة كما قال الغزالي، لكن إنكار الغزالي هذه الزيادة غير جيد؛ فإنه مروي في "النسائي" وغيره، وتأويله ظاهر، فأي بُعْدٍ في أن العالم بالجزئياتِ ومقدارِ الكائنات سبحانه يُقدِّر في أزلِ الأزلِ خشوعَها بتوسطِ الأرض بين القمر والشمس ووقوفِ جرم القمر بين الناظر والشمس، ويكون ذالكَ وقت تجليه سبحانه وتعالى عليهما، فالتجلي سببٌ لكسوفهما قَضت العادةُ بأنه يقارن توسط الأرض ووقوف جرم القمر لا مانع من ذلك، ولا ينبغي منازعة الفلاسفة فيما قالوا إذا دلت عليه براهين قطعية. انتهى منه.
فدرجة هذا الحديث: أنه صحيح؛ لصحة سنده، إلا هذه الزيادة المنكرة الموضوعة المدرجة من بعض الرواة؛ أعني بها: قوله: (فإذا تجلى الله لشيء من خلقه .. خشع له)، وغرضه بسوقه: الاستشهاد به.