النساء؛ أي: جاء إلى مكان قريب منهن، (فذكَّرهن) من التذكير؛ أي: ذكَّرهن بذكر الوعيد (ووعظهن) بذكر الوعد، (وأمرهن بالصدقة) أي: بالتصدق من أموالهن؛ لكونه رآهن أكثر أهل النار.
(وبلال قائل) أي: رافع مشير (بيديه هكذا) أي: إلي أن هَاتُنَّ الصدقة، قال القاضي عياض: وفي رواية: (وبلال قابل) أي: يقبل ما دَفَعْنَ إليه، قال السندي:(وبلال قائل بيديه) أي: آخذ ثوبه بيديه وباسط إياه؛ ليأخذ صدقتهن، فهو من استعمال القول في الفعل؛ أي: في الأخذ والبسط، (فجعلت المرأة) منهن، أي: شرعت (تُلْقِي الخُرْصَ) أي: ترميه في ثوب بلال، والخرص -بالضم والكسر- الحلقة الصغيرة من الذهب أو الفضة تعلقها المرأة في أُذنها (والخاتم) الصغير بلا فص، (و) تلقي (الشيء) الآخر غيرهما كالطوق والقلادة والخلخال، والسخاب خيط من خرز ليس فيه شيء من جوهر.
وفي هذا الحديث استحباب وعظ النساء وتذكيرهن الآخرة وأحكام الإسلام، وحثهن على الصدقة، وهذا إذا لم يترتب على ذلك مفسدة وخوف على الواعظ أو الموعوظ أو غيرهما، وفيه أن النساء إذا حضرن صلاة الرجال ومجامعهم .. يكن بمعزل عنهم؛ خوفًا من فتنة أو نظرة أو فِكر أو نحوه، وفيه أن صدقة التطوع لا تفتقر إلى إيجاب وقبول، بل تكفي فيها المعاطاة؛ لأنهن ألقين الصدقة في ثوب بلال من غير كلام منهن ولا من بلال ولا من غيره، هذا هو الصحيح، وقال أكثر أصحابنا العراقيين: تفتقر إلى إيجاب وقبول باللفظ كالهبة، والصحيح الأول، وبه جزم المحققون. انتهى من "العون".