وهذان السندان من سداسياته، وحكمهما: الصحة؛ لأن رجالهما ثقات أثبات.
(أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: لم يفقه) ولم يفهم معنى القرآن ولم يتدبره لاستعجاله في القراءة (من قرأ القرآن) كله وختمه (في) زمانٍ (أقل من ثلاث) ليال؛ بأن ختمه في ليلتين أو ليلة، وهذا إخبار بأنه لا يحصل الفهم والفقه المقصود من قراءة القرآن لمن قرأه فيما دون ثلاث، أو دعاء عليه بألا يعطيه الله تعالى الفهم فيه، وعلى التقديرين فظاهر الحديث كراهة الختم فيما دون ثلاث، وكثير منهم أراد ذلك في الأعم الأغلب، وأما من غلبه الشُّغْلُ .. فيجوز له ذلك. انتهى "سندي".
قال النووي: هذا الحديث فيه الإرشاد إلى الاقتصاد في العبادة والإرشاد إلى تدبر القرآن، وقد كانت للسلف عادات مختلفة فيما يقرؤون كل يوم بحسب أحوالهم وأفهامهم ووظائفهم؛ فكان بعضهم يختم القرآن في كل شهر، وبعضهم في عشرين يومًا، وبعضهم في عشرة أيام، وبعضهم أو أكثرهم في سبعة أيام، وكثير منهم في ثلاثة، وكثير في يوم وليلة، وبعضهم في اليوم والليلة ثلاث ختمات، وبعضهم ثمان ختمات، والمختار أنه لا يستكثر ما لا يمكنه الدوام عليه ولا يعتاد إلا ما يغلب على ظنه الدوام عليه في حال نشاطه وغيره.
هذا إذا لم يكن له وظائف عامة أو خاصة يتعطل بإكثار القرآن عنها، فإن كانت له وظيفة عامة؛ كولاية وتعليم ونحو ذلك .. فليوظف لنفسه قراءة يمكنه المحافظة عليها مع نشاطه وغيره من غير إخلال بشيء من كمال تلك