(قال) جابر: (كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يُعلمنا) دعاء
(الاستخارة) وصلاتها أي: طلب تيسُّر الخَير من الأمرين من الفعل والترك في الأمور التي تريد الإقدام عليها مباحة كانت أو عبادة، لكن بالنسبة إلى إيقاع العبادة في وقتها وكيفيتها، لا بالنسبة إلى أصل فعلها، زاد في رواية البخاري:(في الأمور كلها)، وفيه دليل على العموم، وأن المرء لا يحتقر أمرًا لصغره وعدم الاهتمام به فيترك الاستخارة فيه؛ فَرُبَّ أمر يستخف بشأنه فيكون في الإقدام عليه ضرر عظيم، أو في تركه.
(كما يُعلمنا السورة من القرآن) فيه دليل على الاهتمام بأمر الاستخارة، وأنه متأكد مرغب فيه، وجملة قوله:(يقول) لنا في تعليمنا إياها حال من فاعل (يُعلمنا الاستخارة) أو بدل من (يُعلمنا)، (إذا هم) وقصد (أحدكم بالأمر) أي: من نكاح أو سفر أو غيرهما مما يريد فعله أو تركه.
قال ابن أبي جمرة: الوارد على القلب على مراتب الهمة، ثم اللمَّةُ، ثم الخطرة، ثم النية، ثم الإرادة، ثم العزيمة، فالثلاثة الأول لا يؤاخذ بها، بخلاف الثلاث الأخيرة، فقوله (إذا هم) يشير إلى أنه أول ما يرد على القلب يستخير، فيظهر له ببركة الصلاة والدعاء ما هو الخير، بخلاف ما إذا تمكن الأمر عنده وقويت عزيمته فيه؛ فإنه يصير إليه ميل وحب، فيخشى أن يخفى عليه وجه الأرشدية لغلبة ميله إليه.
ويحتمل أن يكون المراد بالهم: العزيمة؛ لأن الخواطر لا تثبت، فلا يستخير إلا على ما يقصد التصميم على فعله، وإلا فلو استخار في كل خاطر .. لاستخار فيما لا يعبأ به فتضيع عليه أوقاته، ووقع في حديث