(فخرجت) من حجرتي حالة كوني (أطلبه) وأبحث عنه؛ (فإذا هو) صلى الله عليه وسلم حاضر (بالبقيع رافع رأسه إلى السماء) أي: فاجأني رؤيته في البقيع وهو رافع رأسه إلى السماء، (فـ) لما رآني (قال: يا عائشة؛ أكنت تخافين) أي: تظنين (أن يحيف الله عليك ورسوله؟ ) أي: يجوران لك من الحيف؛ وهو الظلم والجور؛ أي: ظننت أن قد ظلمتك بجعل نوبتك لغيرك، وذلك مناف لمنصب الرسالة، وما يظن بي ذلك؛ أي: الجور والظلم، وما ينبغي ظن السوء بالله وبرسوله، وذكر الله معه؛ لتعظيم رسوله والدلالة على أن فعل الرسول عادة لا يكون إلا بإذنه وأمره، وفيه أن القَسْمَ كان واجبًا عليه؛ إذ لا يكون تركه جورًا إلا إذا كان واجبًا. انتهى "سندي".
(قالت) عائشة: (قد قلت) له صلى الله عليه وسلم (وما بي) أي: وما في قلبي (ذلك) أي: ظن السوء بالله وبرسوله، (ولكني ظننت أنك أتيت) وذهبت إلى (بعض نسائك) وأزواجك (فقال: إن الله تعالى) أي: فقال: إنما خرجت من عندك؛ لأن الله تعالى (ينزل ليلة النصف من شعبان إلى السماء الدنيا) أي: إلى السماء القريبة إلى الأرض، وجملة إن مستأنفة؛ لبيان موجب خروجه من عندها؛ يعني: خرجت للدعاء لأهل البقيع لما رأيت من كثرة الرحمة في هذه الليلة (فيغفر) لمن استغفره (لأكثر) أي: لذنوب أكثر عددًا (من عدد شعر غنم) بني (كلب)، وإنما قيد بغنمهم؛ لأنهم كانوا أكثر العرب غنمًا.