للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

أَنَّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: "لَا يُصَلِّى الْإِمَامُ فِي مُقَامِهِ الَّذِي صَلَّى فِيهِ الْمَكْتُوبَةَ .. حَتَّى يَتَنَحَّى عَنْهُ".

===

(أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: لا يصلي الإمام) خبر بمعنى النهي؛ أي: لا يصل الإمام (في مقامه) بضم الميم من الإقامة (الذي صلى فيه المكتوبة .. حتى يتنحى) ويتباعد وينتقل (عنه) أي: عن ذلك المكان؛ لتكثير موضع السجود.

وشارك المؤلف في رواية هذا الحديث: أبو داوود في كتاب الصلاة، باب الإمام يتطوع في مكانه، رقم (٦١٦).

وقوله: "حتى يتنحى عنه" أي: حتى ينصرف ويتحول وينتقل عن ذلك الموضع الذي صلى فيه، والحديث يدل على مشروعية انتقال المصلي عن مصلاه الذي صلى فيه لكل صلاة يفتتحها من أفراد النفل، أما الإمام .. فبنص الحديث، وأما المؤتم والمنفرد .. فبعموم حديث أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "أيعجز أحدكم إذا صلى أن يتقدم أو يتأخر، أو عن يمينه أو عن شماله" وبالقياس على الإمام.

والعلة في ذلك تكثير مواضع العبادة، كما قال البخاري والبغوي؛ لأن مواضع السجود تشهد له، كما في قوله تعالى: {يَوْمَئِذٍ تُحَدِّثُ أَخْبَارَهَا} (١)؛ أي: تخبر بما عمل عليها، وورد في تفسير قوله تعالى: {فَمَا بَكَتْ عَلَيْهِمُ السَّمَاءُ وَالْأَرْضُ} (٢) أن المؤمن إذا مات .. بكى عليه مصلاه من الأرض ومصعد عمله من السماء، وهذه العلة تقتضي أن ينتقل من محل الفرض إلى موضع نفله، وأن ينتقل لكل صلاة يفتتحها من أفراد النوافل، فإن لم ينتقل .. فينبغي أن يفصل بالكلام؛ لحديث


(١) سورة الزلزلة: (٤).
(٢) سورة الدخان: (٢٩).

<<  <  ج: ص:  >  >>