للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

وَلَا يُؤَدِّي عَنِّي إِلَّا عَلِيٌّ".

===

رسول الله صلى الله عليه وسلم جعل عليًّا من نفسه حيث قال: "إن عليًّا مني"، ولم يقل هذا القول في غير علي.

قلت: زعمهم هذا باطل جدًّا؛ فإنه ليس معنى قوله صلى الله عليه وسلم: "إن عليًّا مني" أنه جعله من نفسه حقيقة، بل معناه هو ما قد عرفت آنفًا، وأما قولهم: لم يقل هذا القول في غير علي .. فباطل أيضًا؛ فإنه صلى الله عليه وسلم قال هذا القول في جليبيب، كما أشرنا إليه آنفًا.

(ولا يؤدي عني) أي: نبذ العهد (إلا علي) رضي الله عنه، قال التوربشتي: كان من دأب العرب إذا كان بينهم مقاولة في نقض وإبرام وصلح ونبذ عهد .. ألا يؤدي ذلك إلا سيد القوم أو من يليه من ذوي قرابته القريبة، ولا يقبلون ممن سواهم، فلما كان العهد الذي أمر رسول الله صلى الله عليه وسلم فيه أبا بكر أن يحج بالناس .. رأى بعد خروجه أن يبعث عليًّا خلفه؛ لينبذ إلى المشركين عهدهم ويقرأ عليهم (سورة براءة)، وفيها: {إِنَّمَا الْمُشْرِكُونَ نَجَسٌ فَلَا يَقْرَبُوا الْمَسْجِدَ الْحَرَامَ بَعْدَ عَامِهِمْ هَذَا} (١) إلى غير ذلك من الأحكام، فقال: قوله هذا؛ أعني: قوله: "علي مني ... " إلى آخره تكريمًا له بذلك. انتهى.

قال القاري: واعتذارًا لأبي بكر في مقامه هناك، ولذا قال الصديق لعلي حين لحقه من ورائه: أمير أو مأمور؟ فقال: بل مأمور، وفيه إيماء إلى أن إمارته متأخرة عن خلافة الصديق، كما لا يخفى عند ذوي التحقيق.

وشارك المؤلف في رواية هذا الحديث: الترمذي في كتاب المناقب، باب مناقب علي، وقال: هذا حديث حسن غريب صحيح، وأخرجه أحمد والنسائي أيضًا.


(١) سورة براءة: (٢٨).

<<  <  ج: ص:  >  >>