يا معاشر المسلمين، قال السندي: اللحد هو الشق تحت الجانب القبلي من القبر. انتهى، (والشق لغيرنا) من اليهود والنصارى وغيرهما؛ وهو الحفيرة في وسط القبر بقدر ما يسع الميت.
قال التوربشتي: أي: اللحدُ آثَرُ وأَوْلَى لنا، والشقُّ آثَرُ وأولى لغيرنا؛ أي: هو اختيارُ مَنْ كان قَبْلَنا من أهلِ الإيمان، وفي ذلك بيانُ فضيلةِ اللحد، وليس فيه نَهْي عن الشق؛ لأن أبا عبيدة مع جلالةِ قدره في الدِين والأمانةِ كان يَصْنَعُه، ولأنه لو كان منهيًّا .. لما قالَت الصحابة حين اختلفُوا في قبرِ النبي صلى الله عليه وسلم: أيُّهما جاء من اللَّاحدِ والشاقِّ أولًا .. عَمِلَ عملَه، فجاء اللَّاحدُ أولًا، فلَحَدَ كما في "التحفة" من حديث عائشة رضي الله تعالى عنها، ولأنه قد يُضْطَرُّ إليه لِرخَاوةِ الأرض. انتهى، وقال الطيبي: ويُمكن أنه صلى الله عليه وسلم عَنَى بضمير الجمع نَفْسَه؛ أي: أُوثِرَ لي اللحدُ، وهو إخبارٌ عمَّا سيكونُ فيكون معجزة. انتهى، وقيل: معناه: اللحد لنا معاشرَ الأنبياء، والشقُّ جائز لغيرنا.
قلت: الصحيح ما ذكره التوربشتي ويؤيده حديث جرير بن عبد الله بلفظ: "اللحد لنا، والشق لغيرنا أهل الكتاب". انتهى "تحفة الأحوذي".
وشارك المؤلف في رواية هذا الحديث: أبو داوود في كتاب الجنائز، باب في اللحد، والترمذي في كتاب الجنائز، باب ما جاء في قول النبي صلى الله عليه وسلم: "اللحد لنا والشق لغيرنا"، والنسائي في كتاب الجنائز، باب اللحد والشق، وأحمد، وأخرجه مسلم في "صحيحه" في كتاب الجنائز، باب اللحد ونصب اللبن علي الميت عن عامر بن سعد بن أبي وقاص أن سعد بن أبي وقاص، قال في مرضه الذي هلك فيه: الحدوا لي لحدًا، وانصبوا عليَّ اللَّبِنَ نصبًا، كما صُنع برسول الله صلى الله عليه وسلم.