لم يقطع علينا بالنهي ليكون حرامًا، فهو مكروه تنزيهًا؛ تعني أم عطية: كنا معاشر النساء نهينا عن اتباعنا الجنائز إلى محل الدفن؛ أي: نهانا رسول الله صلى الله عليه وسلم عن اتباعها نهي كراهة تنزيه لا نهي كراهة تحريم؛ بدليل قولها:(ولم يعزم علينا)، ولم يؤكد علينا في المنع؛ كما أكد علينا في غيره من المنهيات؛ كالنياحة وشق الجيوب مثلًا، فكأنها قالت: كره لنا اتباع الجنائز من غير تحريم.
قال القرطبي: ظاهر سياق أم عطية أن النهي للتنزيه، وبه قال جمهور أهل العلم، قاله في "الفتح"، وكأنها فهمته من قرينة، ويدل له ما أخرجه ابن أبي شيبة من حديث أبي هريرة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان في جنازة، فرأى عمر امرأة، فصاح بها، فقال:"دعها يا عمر ... " الحديث، وأما ما رواه ابن ماجه وغيره أيضًا مما يدل على التحريم .. فضعيف، ولو صح .. حمل على ما يتضمن تحريمًا؛ كالنياحة، والله أعلم. انتهى.
وشارك المؤلف في رواية هذا الحديث: البخاري في كتاب الحيض، باب الطيب للمرأة عند غسلها من الحيض، ومسلم في كتاب الجنائز، باب نهي النساء عن اتباع الجنائز، وأبو داوود في كتاب الجنائز، باب اتباع النساء الجنائز، وأحمد.
فالحديث في أعلى درجات الصحة؛ لأنه من المتفق عليه، وغرضه: الاستدلال به على الترجمة.
* * *
ثم استأنس المؤلف للترجمة بحديث علي بن أبي طالب رضي الله تعالى عنه، فقال: