وهذا السند من سداسياته؛ رجاله ثلاثة منهم مدنيون، وثلاثة بصريون، وحكمه: الصحة؛ لأن رجاله كلهم ثقات.
(قال) علي بن أبي طالب: (ما رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم) ولا سمعته (جمع أبويه) في الفداء (لأحد) من الناس (غير سعد بن) أبي وقاص (مالك) بن وهيب؛ (فإنه) صلى الله عليه وسلم (قال له) أي: لسعد بن مالك (يوم) غزوة (أحد: ارم) يا (سعد) بتقدير حرف النداء، أمر من رمى يرمي مبني على حذف حرف العلة، (فداك) بالقصر خبر مقدم، أي: فداؤك من كل مكروه وبلية (أبي وأمي) مبتدأ مؤخر، ولا يلزم من قوله: ما رأيت ... إلى آخره .. أنه ما جمع لغيره، فلا ينافي ما تقدم من جمعه للزبير فيما تقدم؛ لأنه إنما نفى سماعه لا جمعه صلى الله عليه وسلم أبويه لغيره، والله أعلم.
وقال القاضي عياض: ذلك بمبلغ علمه، وقد جاء أنه قال ذلك للزبير وغيره، قال المازري: كره بعضهم التفدية بالمسلم، والصحيح الجواز؛ لأنه ليس فيها حقيقة تفدية، وإنما هو كلام بر. انتهى "أبي".
قال القاضي: هذا الحديث حجة من أجاز التفدية، وكرهها عمر والحسن، ولا حجة فيه من حيث إنه يفدي بمسلم؛ فإن عائشة فدت بأبويها، وهما مسلمان. انتهى.
وهذا الحديث شارك المؤلف في روايته: البخاري؛ أخرجه في مواضع؛ في الجهاد والأدب والمغازي، ومسلم؛ أخرجه في الفضائل، والترمذي؛ أخرجه في المناقب، مناقب سعد بن أبي وقاص، وقال: هذا حديث حسن صحيح.