كذلك؛ أي: يكونان حصنًا حصينًا له من النار، (فقال أبي بن كعب سيد القراء: قدمت) أنا (واحدًا) في حكمه؟ (قال) رسول الله صلى الله عليه وسلم: (و) من قدم (واحدًا) كذلك؛ أي: يكون له حصنًا حصينًا من النار.
وشارك المؤلف في رواية هذا الحديث: الترمذي في كتاب الجنائز، باب ما جاء في ثواب من قدم ولدًا.
قوله:(من قدم ثلاثة من الولد) أي: من قدمهم بالصبر على موتهم، قال القاري: الظاهر أن معناه: من قدم صبر ثلاثة من الولد عند فقدهم، واحتسب ثوابهم عند ربهم، أو المراد بالتقديم: لازمه، وهو المتأخر؛ أي: من تأخر موته عن موت ثلاثة من أولاده المقدمين عليه، (لم يبلغوا الحنث) أي: للذنبِ أو البلوغ، والظاهر أنَّ هذا قيدٌ للكمال؛ لأن الغالب أن يكون القلب عليه أرقَّ، والصبرُ عنهم أشقَّ، وشفاعتُهم أرجى وأسبقَ .. (كانوا له حصنًا حصينًا) أي: حصارًا محكمًا وحاجزًا مانعًا من النار.
(قدمت اثنين) أي: فما حكمهما؟ (قال: واثنين) أي: وكذا من قدم اثنين، (فقال أبي بن كعب سيد القراء) إنما قيل له: سيد القراء؛ لقوله صلى الله عليه وسلم:"أقرؤكم أبي"، وفي رواية الترمذي زيادة:(ولكن إنما ذلك عند الصدمة الأولى) أي: يحصل ذلك الصبر عند الصدمة الأولى، قال أبو عيسى: هذا حديث غريب، وأبو عبيدة لَمْ يسمع من أبيه. انتهى من "التحفة".
قلت: فدرجة هذا الحديث: أنه صحيح بما قبله من الأحاديث المذكورة في الباب وغيرها، إلَّا قوله:(قال أبو ذر ... ) إلى آخره، فهذه الزيادة