(قال) ابن عباس: (لما أرادوا) أي: أرادت الصحابة (أن يحفروا) قبرًا (لرسول الله صلى الله عليه وسلم .. بعثوا إلى أبي عبيدة) عامر بن عبد الله (بن الجراح) القرشي الفهري، نسب إلى جده؛ لشهرته به. يروي عنه:(ع)، (وكان) أبو عبيدة (يضرح؛ كضريح أهل مكة) يقال: ضرح الميت يضرح، من باب منع؛ حفر له ضريحًا، والضريح: الشق، (وبعثوا إلى أبي طلحة) الأنصاري زيد بن سهل بن الأسود بن حرام النجاري، وكان من نقباء الأنصار، المدني، مشهور بكنيته، شهد بدرًا وشهد المشاهد كلها، (وكان) أبو طلحة (هو الذي يحفر) القبر (لأهل المدينة، وكان) أبو طلحة (يلحد) أي: يعرف حفر اللحد؛ وهو ما يحفر أسفل جانب القبر، يقال: لحدت اللحد لحدًا، من باب نفع، وألحدته إلحادًا؛ حفرته، ولحدت الميت والحدته؛ جعلته في اللحد.
(فبعثوا) أي: بَعَثتِ الصحابةُ (إليهما) أي: إلى أبي عبيدة وإلى أبي طلحة (رسولين) أي: سفيرين، (وقالوا) أي: قالت الصحابة بعدما أرسلوا إلى الرسولين: (اللهم؛ خر لرسولك) ما هو خير له من اللحد أو الشق؛ أمر من خار يخير خيرًا؛ أي: اختر له ما هو خير له عندك، (فوجدوا أبا طلحة) أي: فوجد الرسول الذي أرسلوه إلى أبي طلحة إياه، (فجيء به) أي: جاء الرسول الذي أرسلوه إلى أبي طلحة بأبي طلحة، (ولم يوجد أبو عبيدة) أي: لَمْ يجده الرسول الذي أرسلوه إلى أبي عبيدة.