لصومه (وهو صائم) أي: والحال أنه ناوٍ للصوم في الليل في الفرض، أو في أول النهار في النفل؛ أي: أكل أو شرب ناسيًا، وكذا الجماع ناسيًا .. (فليتم صومه؛ فإنما أطعمه الله) تعالى (وسقاه) يعني: أنه لما أفطر ناسيًا .. لم يُنسب إليه من ذلك الفطر شيء، وتمحضت نسبة الإطعام والسقي إلى الله تعالى؛ إذ هو فعله، ولذلك قال في بعض رواياته: "فإنما هو رزق ساقه الله إليه"، قال النووي: وفي الحديث دلالة: لمذهب الأكثرين؛ أن الصائم إذا أكل أو شرب أو جامع ناسيًا .. لا يفطر، وممن قال بهذا: الشافعي، وأبو حنيفة، وداوود، وآخرون.
وقال ربيعة ومالك: يفسد صومه وعليه القضاء دون الكفارة، وقال عطاء والأوزاعي والليث: يجب القضاء في الجماع دون الأكل، وقال أحمد: يجب في الجماع القضاء والكفارة، ولا شيء في الأكل، وقال ابن دقيق العيد: ذهب مالك ومن وافقه إلى إيجاب القضاء على من أكل أو شرب ناسيًا، وهو القياس؛ فإن الصوم قد فات ركنه، وهو من باب المأمورات، والقاعدة: أن النسيان لا يؤثر في المأمورات.
قال القرطبي: وأيضًا إن الذي تعرض في الحديث سقوط المؤاخذة عمن أفطر ناسيًا، والأمر بمضيه على صومه وإتمامه، فأما القضاء .. فلا بد له منه؛ إذ المطلوب صيام يوم تام لا يقع فيه خرم، ولم يأت به، فهو باقٍ عليه، هذا عذر أصحابنا عن هذا الحديث الذي جاء بنص "صحيح مسلم"، وفي "كتاب الدارقطني" لهذا الحديث مساق أنصُّ من هذا؛ أعني: عن أبي هريرة قال: (إذا أكل الصائم ناسيًا .. فإنما هو رزق ساقه الله إليه، ولا قضاء عليه) رواه الدارقطني (٢/ ١٧٨)، قال الدارقطني في إسناده: إسناد صحيح، وكلهم ثقات،