الليل ما قبل الفجر الصادق ندبًا لا وجوبًا، ويدل عليه تعليله صلى الله عليه وسلم بما يعود على نفع الصائمين بقوله:(فإن في السحور بركلة) هو بفتح السحور وبضمها؛ لأن المراد بالبركة: الأجر والثواب، فيناسب الضم؛ لأنه مصدر بمعنى: التسحر، أو البركة لكونه يقوي على الصوم وينشط له ويخفف المشقة فيه، فيناسب الفتح؛ لأنه حينئذ اسم لما يتسحر به.
وقيل: البركة ما يتضمن من الاستيقاظ والدعاء في السحر، والأولى أن البركة في السحور تحصل بجهات متعددة؛ وهي اتباع السنة، ومخالفة أهل الكتاب، والتقوي به على العبادة، والزيادة في النشاط، ومدافعة سوء الخلق الذي يثيره الجوع، والتسبب بالصدقة على من يسأل إذ ذاك أو يجتمع معه على الأكل، والتسبب للذكر والدعاء وقت مظنة الإجابة، وتدارك نية الصوم لمن أغفلها قبل أن ينام، قاله الحافظ في "الفتح"، وقال القرطبي: هذا الأمر أمر إرشاد إلى المصلحة؛ وهي حفظ القوة التي يخاف سقوطها مع الصوم من الذي لا يتسحر فيه.
وشارك المؤلف في رواية هذا الحديث: البخاري في كتاب الصيام، باب بركة الصوم، ومسلم في كتاب الصيام، باب فضل السحور، والترمذي في كتاب الصوم، باب ما جاء في فضل السحور.
فهذا الحديث في أعلى درجات الصحة؛ لأنه من المتفق عليه، وغرضه: الاستدلالُ به على الترجمة.
ثم استشهد المؤلف لحديث أنس بحديث ابن عباس رضي الله تعالى عنهم، فقال: