للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

قَطُّ أَكْثَرَ مِنْ صِيَامِهِ مِنْ شَعْبَانَ؛ كَانَ يَصُومُ شَعْبَانَ كُلَّهُ، كَانَ يَصُومُ شَعْبَانَ إِلَّا قَلِيلًا.

===

شهر من الشهور (قط) ظرف مستغرق لما مضى من الزمان ملازم للنفي (أكثر) مفعول صام؛ أي: ما رأيته فيما مضى من عمري صام في شهر من الشهور صيامًا أكثر (من صيامه من شعبان) أي: في شعبان؛ وذلك لأنه (كان يصوم شعبان كله) أي: معظمه.

وقوله: (كان يصوم شعبان إلا قليلًا) جملة مفسرة لما قبلها، قال الحافظ: وهذا يبين أن المراد بقوله في حديث أم سلمة عند أبي داوود وغيره: إنه كان لا يصوم من السنة شهرًا تامًا إلا شعبان يصله برمضان؛ أي: كان يصوم معظمه، ونقل الترمذي رحمه الله تعالى عن ابن المبارك أنه قال: جائز في كلام العرب إذا صام أكثر الشهر أن يقال: صام الشهر كله، ويقال: قام فلان ليلته أجمع، ولعلّه قد تعشى واشتغل ببعض أمره، قال الترمذي: كان ابن المبارك جمع بين الحديثين بذلك.

وحاصله: أن الرواية الأولى مفسرة للرواية الثانية مخصصة لها، وأن المراد بالكل: الأكثر، وهو مجاز قليل الاستعمال، واستبعده الطيبي، قال: لأن الكل تأكيد لإرادةِ الشمولِ، ودفعِ التجوُّزِ، فتفسيره بالبعض منافٍ له، قال الزرقاني في "شرح المواهب": لكن الاستبعاد لا يمنع الوقوع؛ لأن الحديث يفسر بعضه بعضًا، لا سيما والمخرج متحد؛ وهو عائشة، وهي من الفصحاء، وقد نقله ابن المبارك عن العرب، ومن حفظ حجة، وقال الطيبي جمعًا بين الحديثين: يحمل أنَّهُ كان يصومُ شعبان كُلَّه تارةً، ويصوم معظمه أخرى؛ لئلا يتوهم أنه واجب كله كرمضان، وقيل: المراد بقوله: (كله): أنه كان يصوم من أوله تارةً، ومن آخره أخرى، ومن أثنائه طورًا، فلا يخلي شيئًا منه من صيام، ولا يخص

<<  <  ج: ص:  >  >>