يومًا ويفطر يومًا) وذاك نصف الدهر، قال السندي: قيل: هو أشد الصيام على النفس؛ فإنه لا يعتاد الصوم ولا الإفطار، فيصعب عليه كل منهما، وظاهر الحديث: أنه أفضل من صوم يومين وإفطار يوم، ومن صيام الدهر بلا صيام أيام الكراهة، وبه قال بعض أهل العلم.
(وأحب الصلاة) أي: أكثرها أجرًا (إلى الله عز وجل) أي: عنده تعالى (صلاة داوود) عليه السلام (كان) داوود (ينام نصف الليل) الأول، أي: من الوقت الذي يعتادون النوم فيه؛ وهو بعد العشاء لا من وقت المغرب؛ إذ يستبعد النوم منه فيما اعتادوه (ويصلي ثلثه) أي: ثلث الليل الأوسط؛ يعني: أربع ساعات (وينام سدسه) أي: سدس الليل الأخير؛ يعني: ساعتين قبل الفجر الصادق.
وشارك المؤلف في رواية هذا الحديث: البخاري في كتاب التهجد، باب من نام عند السحر، ومسلم في كتاب الصيام، باب النهي عن صوم الدهر لمن تضرر به، كلاهما رويا عن عبد الله بن عمرو بن العاص، والنسائي في كتاب قيام الليل، باب ذكر صلاة نبي الله داوود عليه السلام، وأحمد في "مسنده". فدرجة هذا الحديث: أنه في أعلى درجات الصحة؛ لأنه من المتفق عليه، وغرضه: الاستدلال به على الترجمة.
قال النووي: قد جمع مسلم طرق هذا الحديث فأتقنها، وقال الحافظ: رواه جماعة من الكوفيين والبصريين والشاميين عن عبد الله بن عمرو مطولًا ومختصرًا؛ فمنهم من اقتصر على قصة الصلاة، ومنهم من اقتصر على قصة الصوم، ومنهم من ساق القصة كلها، ولم أره من رواية أحد من المصريين عنه