وهو التاسع من ذي الحجة (إني أحتسب على الله) أي: أرجو من الله تعالى (أن يكفر السنة التي قبله) أي: أن يكون كفارة لذنوب السنة التي قبله؛ أي: لصغائرها (و) يكفر ذنوب السنة (التي بعده) أي: لصغائرها، وفي "النهاية": الاحتساب في الأعمال الصالحة: هو البدار إلى طلب الأجر وتحصيله باستعمال أنواع البر، والقيام على الوجه المرسوم فيها؛ طلبًا للثواب المرجو فيها، قال الطيبي: كان الأصل أن يقال: أرجو من الله أن يكفر، فوضع موضعه أحتسب، وعداه بعلى التي للوجوب على سبيل الوعد؛ مبالغةً لحصول الثواب.
قوله: "أن يكفر" قال إمام الحرمين: والمكفر الصغائر، قال القاضي عياض: وهو مذهب أهل السنة والجماعة، وأما الكبائر .. فلا يكفرها إلا التوبة، أو رحمة الله وفضله.
قلت: ورحمة الله تحتمل أن تكون مكفرة بغيره؛ أي: بغير صوم يوم عرفة، وقال النووي: المراد بالذنوب: الصغائر، وإن لم تكن الصغائر .. يرجى تخفيف الكبائر، وإن لم تكن .. رفعت الدرجات، قال المظهر: وتكفير السنة الآتية: أن يحفظه من الذنوب فيها، وقيل: أن يعطيه من الرحمة والثواب قدرًا يكون كفارة للسنة الماضية والقابلة إذا جاءت واتفقت له ذنوب. كذا في "المرقاة". وشارك المؤلف في رواية هذا الحديث: مسلم في كتاب الصيام، باب استحباب صيام ثلاثة أيام من كل شهر ... إلى آخره، وأبو داوود في كتاب الصوم، باب صوم الدهر.
فدرجة هذا الحديث: أنه صحيح؛ لصحة سنده وللمشاركة فيه، وغرضه: الاستدلال به.