بقيت) وعشت (إلى) عام (قابل) أي: مقبل .. (لأصومن اليوم التاسع) من المحرم احتياطًا ليوم عاشوراء، وفي رواية مسلم زيادة:(قال) ابن عباس: (فلم يأت العام المقبل حتى توفي رسول الله صلى الله عليه وسلم)، قال الحافظ: ثم ما هم به من صوم التاسع يحتمل معناه: أنه لا يقتصر عليه، بل يضيفه إلى اليوم العاشر؛ إما احتياطًا له، وإما مخالفة لليهود والنصارى، وهو الأرجح، وبه يشعر بعض روايات مسلم، ولأحمد من وجه آخر عن ابن عباس مرفوعًا: "صوموا يوم عاشوراء، وخالفوا اليهود؛ صوموا يومًا قبله، أو يومًا بعده" وفي إسناده ابن أبي ليلى، وقد تكلم فيه، وقد أخرجه البيهقي بمثل اللفظ الذي رواه أحمد، ذكره الحافظ في "التلخيص" وسكت عنه.
قال الحافظ رحمه الله تعالى: وهذا كان في آخر الأمر، وقد كان صلى الله عليه وسلم يحب موافقة أهل الكتاب فيما لم يؤمر فيه بشيء، ولا سيما إذا كان فيما يخالف فيه أهل الأوثان، فلما فتحت مكة واشتهر أمر الإسلام .. أحب مخالفة أهل الكتاب أيضًا؛ كما ثبت في الصحيح، فهذا من ذلك، فوافقهم أولًا، وقال: "نحن أحق بموسى منكم"، ثم أحب مخالفتهم، فأمر بأن يضاف إليه يوم قبله ويوم بعده، خلافًا لهم، ويؤيده رواية الترمذي من طريق أخرى بلفظ:(أمرنا رسول الله صلى الله عليه وسلم بصيام عاشوراء يوم العاشر).
وقال بعض أهل العلم: قوله صلى الله عليه وسلم في "صحيح مسلم" وغيره: "لئن عشت إلى قابل .. لأصومن التاسع" يحتمل أمرين؛ أحدهما: أنه أراد نقل العاشر إلى التاسع، والثاني: أراد أن يضيفه إليه في الصوم، فلما توفي رسول الله صلى الله عليه وسلم قبل بيان ذلك .. كان الاحتياط صوم اليومين، وعلى هذا؛ فصيام عاشوراء على ثلاث مراتب؛ أدناها: أن يصام