لـ (أن الشيطان يجري من ابن آدم) الرجال والنساء، فالمراد الجنس (مجرى الدم) أي: يصل بوسوسته محل وصول الدم، ووجه الشبه: شدة الاتصال وعدم المفارقة، وهو كناية عن الوسوسة (وإني خشيت أن يقذف) ويرمي (في قلوبكما شيئًا) من سوء الظن برسول الله صلى الله عليه وسلم، ولمسلم وأبي داوود من حديث معمر:(شرًّا) ولم يكن النبي صلى الله عليه وسلم نسبهما أنهما يظنان به سواءً؛ لما تقرر عنده من صدق إيمانهما، ولكن خشي عليهما أن يوسوس لهما الشيطان ذلك؛ لأنهما غير معصومين، فقد يفضي بهما ذلك إلى الهلاك، فبادر إلى إعلامهما حسمًا للمادة وتعليمًا من بعده إذا وقع له مثل ذلك. انتهى من "الإرشاد".
قال الشافعي: معناه: أنه خاف عليهما الكفر لو ظنا به ظن التهمة، فبادر إلى إعلامهما بمكانهما نصيحة لهما، قاله العيني، وقال الخطابي: حكي لنا عن الشافعي أنه قال: كان ذلك منه صلى الله عليه وسلم شفقةً عليهما؛ لأنهما لو ظنا به ظن سوء .. كفرا، فبادر إلى إعلامهما ذلك؛ لئلا يهلكا، وفيه أنه خرج من المسجد معها؛ ليتبلغ منزلها، وفي هذا حجة من رأى أن الاعتكاف لا يفسد إذا خرج في واجب، وأنه لا يمنع المعتكف من إتيان المعروف. انتهى من "العون".
والحديث صريح في أن النبي صلى الله عليه وسلم خشي أن يلقي الشيطان في قلوبهما شيئًا مما يؤديهما إلى الهلاك، ففي الحديث أن الشيطان له تسلط عظيم على الإنسان، فلا ينبغي للإنسان أن يغفل عنه في وقت ما، بل ينبغي له أن يبقى خائفًا من مكائده على الدوام، فليكن على حذر منه، والله أعلم. انتهى "سندي".