(قال) علي: (قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: إني قد عفوت لكم عن صدقة الخيل والرقيق) أي: تركت لكم أخذ زكاتهما وتجاوزت عنه؛ أي: إذا لم يكونا للتجارة، وفي الخيل السائمة اختلاف، ويجيء بيانه وتحقيق الحق فيه في باب (ما جاء ليس في الخيل والرقيق صدقة)، قال الطيبي: قوله: "عفوت" يشعر بسبق ذنب عن إمساك المال عن الإنفاق؛ أي: تركت وجاوزت عن أخذ زكاتهما مشيرًا إلى أن الأصل في كل مال أن تؤخذ منه الزكاة. انتهى "تحفة".
(ولكن هاتوا) أي: جيبوا وآتوا صدقة الرقة؛ أي: زكاة الفضة، والرقة -بكسر الراء وتخفيف القاف- أي: الدراهم المضروبة، أصله: ورق؛ وهو الفضة حذف منه الواو، وعوض عنها التاء؛ كما في عدة ودية، قاله القاري في "المرقاة"، وقال الحافظ في "الفتح": الرقة: الفضة الخالصة، سواء كانت مضروبةً أو غير مضروبة، ولكن هاتوا (ربع العشر من كل أربعين) منها (درهمًا درهمًا)، وفي رواية الترمذي وأبي داوود زيادة:(وليس في تسعين ومئة شيء، فإذا بلغت مئتين .. ففيها خمسة دراهم)، وفيه أن نصاب الفضة مئتا درهم.
وشارك المؤلف في رواية هذا الحديث: أبو داوود في كتاب الزكاة، باب في زكاة السائمة، والترمذي في كتاب الزكاة، باب ما جاء في زكاة الذهب والورق، وقال: صحيح، وفي الباب عن أبي بكر الصديق وعمرو بن حزم، قال أبو عيسى: روى هذا الحديث الأعمش وأبو عوانة وغيرهما عن أبي إسحاق عن عاصم بن ضمرة عَنْ عَليٍّ، وروى سفيان الثوري وابن عيينة وغير واحد عن أبي إسحاق عن الحارث عن علي قال: وسألت محمد بن إسماعيل عن هذا الحديث، فقال: كِلَاهُما عندي صحيح عن أبي إسحاق، يحتمل أن يكون