(قال) أبو هريرة: (قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: فيما سقت السماء) أي: المطر النازل من السماء؛ من الحب والثمر المقتاتين (والعيون) الجارية .. (العشر) كاملًا لخفة المؤنة (وفيما سقي بالنضح .. نصف العشر) لثقل المؤنة، وفيما سقي بهما على السواء .. فبالقسط؛ أي: يجب ثلاثة أرباع العشر؛ كما هو مفصل مبسوط في كتب الفروع.
قوله:(فيما سقت السماء) أي: المطر .. فيه مجاز مرسل؛ من إطلاق المحل وإرادة الحال، الجار والمجرور فيه خبر مقدم لقوله الآتي: العشر، (والعيون) جمع عين: وهو الماء القليل الجاري على وجه الأرض، والمراد بها: الأنهار الجارية التي يستقى منها من دون اغترافٍ بآلة، بل تساح إساحة، والمراد بهما: ما لا يحتاج سقيه إلى مؤنة .. (العشر) بضم العين، وأكثر الرواة بفتحها؛ وهو اسم للقدر المخرج من المال، قال الطبري: والحكمة في فرض العشر أنه يكتب بعشرة أمثاله، فكأن المخرج للعشر تصدق بجميع ماله، فافهم، والله أعلم.
(وفيما سقي بالنضح) -بفتح فسكون- هو السقي بالرشاء، والمراد به: ما يحتاج إلى مؤنة الآلة .. (نصف العشر) نظرًا إلى ثقل المؤنة.
والحديث يدل على أنه يجب العشر الكامل فيما سقي بماء السماء والأنهار وغيرهما مما ليس فيه مؤنة كثيرة، ونصف العشر فيما سقي بالنضح والسانية وغيرهما مما فيه كلفة، قال النووي: وهذا متفق عليه، وإن وجد مما يسقى بالنضح تارةً وبالمطر تارةً أخرى؛ فإن كان ذلك على جهة الاستواء .. وجب ثلاثة أرباع العشر، وإن اختلفا .. فيقسط كل، وهو قول أهل العلم، قال ابن قدامة: لا نعلم فيه خلافًا بينهم، وإن كان أحدهما أكثر .. كان حُكْمُ الأقلِ تَبعًا للأكثر