للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

{وَلَا تَيَمَّمُوا الْخَبِيثَ مِنْهُ تُنْفِقُونَ} يَقُولُ: لَا تَعْمِدُوا لِلْحَشَفِ مِنْهُ تُنْفِقُونَ {وَلَسْتُمْ بِآخِذِيهِ إِلَّا أَنْ تُغْمِضُوا فِيهِ} يَقُولُ: لَوْ أُهْدِيَ لَكُمْ .. مَا قَبِلْتُمُوهُ إِلَّا عَلَى اسْتِحْيَاءٍ مِنْ صَاحِبِهِ؛ غَيْظًا أَنَّهُ بَعَثَ إِلَيْكُمْ مَا لَمْ يَكُنْ لَكُمْ فِيهِ حَاجَةٌ {وَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ غَنِيٌّ} عَنْ صَدَقَاتِكُمْ.

===

({وَلَا تَيَمَّمُوا الْخَبِيثَ مِنْهُ تُنْفِقُونَ})، يقول) سبحانه وتعالى: (لا تعمدوا) أي: لا تقصدوا (للحشف) أي: للرديء (منه) أي: من ذلك الحشف (تنفقون) أي: تخرجون في الزكاة ({وَلَسْتُمْ}) أي: والحال أنكم لستم بآخذي الرديء لو أهدي إليكم ({إِلَّا أَنْ تُغْمِضُوا}) وتغلقوا أجفان عيونكم ({فِيهِ}) أي: في أخذ ذلك الرديء (يقول) سبحانه وتعالى: (لو أهدي لكم) ذلك الرديء .. (ما قبلتموه) لرداءته (إلا) إذا قبلتموه (على استحياء) أي: لأجل استحياء واحترام (من صاحبه) أي: من صاحب ذلك الرديء الذي أهداه لكم.

وقوله: (غيظًا) مفعول لأجله منصوب بقبلتموه؛ أي: ما قبلتموه لأجل الغيظ والغضب على (أنه) أي: على أن ذلك الصاحب (بعث) وأهدى (إليكم ما) أي: رديئًا (لم يكن لكم فيه) أي: في ذلك الرديء (حاجة) أي: نفع، ثم ختم سبحانه وتعالى الآية بقوله: {وَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ} عز وجل {غَنِيٌّ} (١) أي: مستغنن (عن صدقاتكم) سواء تصدقتم من جيد أموالكم أو من رديئها؛ لأن نفعها عائد إليكم.

وفي الحديث دليل على أنه لا يجوز للمالك أن يخرج الرديء عن الجيد الذي وجبت فيه الزكاة نصًا في التمر، وقياسًا في سائر الأجناس التي تجب فيها الزكاة، وكذلك لا يجوز للمصدق؛ أي: للساعي أن يأخذ ذلك. انتهى من "العون".


(١) سورة البقرة: (٢٦٧).

<<  <  ج: ص:  >  >>