أبي سفيان من الشام (المدينة، فكان فيما كلم به) معاوية (الناس) في خطبته (أن قال) أي: قوله للناس: إني (لا أرى) -بضم الهمزة وفتحها- أي: لا أظن أو لا أعلم (مدين من سمراء الشام) أي: من حنطته (إلا تعدل) وتساوي في الإجزاء في الفطرة (صاعًا من هذا) التمر، يعني: أن نصف الصاع من الحنطة يساوي صاعًا من تمر في الإجزاء في الفطرة؛ كما أنه يساويه في القيمة وقتئذ (فأخذ الناس) أي: تمسك بعض الناس من الصحابة والتابعين (بذلك) الذي قاله معاوية برأيه بلا حجة عندهم، فأخرجوا في الفطرة نصف صاع من الحنطة.
(قال أبو سعيد) الخدري: فأما أنا بنفسي؛ كما في رواية مسلم .. (لا أزال أخرجه) أي: أخرج الصاع الكامل من أي قوت كان، سواء كان من حنطة أو غيرها (كما كنت أخرجه) أي: أخرج الصاع الكامل (على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم) وفي زمنه، وقوله:(أبدًا) ظرف مستغرق لما يستقبل من الزمان متعلق بلا أزال، وقوله:(ما عشت) ما مصدرية ظرفية، والظرف متعلق بأخرجه الأول، زاده تأكيدًا لأبدًا؛ أي: فلا أزال أبدًا أخرجه مدة معاشي؛ كما كنت أخرجه في حياة رسول الله صلى الله عليه وسلم، وبرأي معاوية هذا أخذ أبو حنيفة ومن وافقه، وأجيب عنه بأنه قال في أول الحديث:(صاعًا من طعام) وهو في الحجاز الحنطة، فهو صريح في أن الواجب منها صاع، وقد عدد الأقوات، فذكر أفضلها قوتًا عندهم؛ وهو البر، فالنظر إلى ذواتها لا قيمتها، ومعاوية إنما صرح بأنه رأيه، فلا يكون حجة على غيره. انتهى من "القسطلاني".