للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

فَيَجِيءَ بِحُزْمَةِ حَطَبٍ عَلَى ظَهْرِهِ فَيَبِيعَهَا فَيَسْتَغْنِيَ بِثَمَنِهَا. . خَيْرٌ لَهُ مِنْ أَنْ يَسْأَلَ النَّاسَ أَعْطَوْهُ أَوْ مَنَعُوهُ".

===

أم لا، فيحتطب (فيجيء بحزمة حطب) أي: بمجموعة من الحطب، حالة كونه حاملًا إياها (على ظهره، فـ) يأتي بها السوق و (يبيعها) أي: يبيع تلك الحزمة للناس (فيستغني بثمنها) عن مسألة الناس. . (خير له) أي: لأحدكم، وهو خبر المبتدإ المؤول من الفعل (من أن يسأل الناس) سواء (أعطوه) مسؤوله (أو منعوه) ذلك المسؤول؛ يعني: يستوي الأمران في أنَّه خير له منه، والمراد: أن ما يلحق الإنسان بالاحتزام من الحطب الدنيوي. . خير له مما يلحقه بالسؤال من التعب الأخروي، فعند الحاجة ينبغي له أن يختار الأوّل ويترك الثاني. انتهى "سندي".

ففي الحديث الحث على التعفف عن المسألة، أو التنزه عنها، ولو امتهن المرء نفسه في طلب الرزق، وارتكب المشقة في ذلك، ولولا قبح المسألة في نظر الشرع. . لم يفضل ذلك عليها، وذلك لما يدخل على السائل من ذم السؤال ومن ذل الرد إذا لم يعط، ولما يدخل على المسؤول من الضيق في ماله إن أعطى كل سائل.

وأما قوله: "خير له". . فليست المفاضلة على بابها؛ إذ لا خير في السؤال مع القدرة على الاكتساب، ويحتمل أن يكون المراد بالخير فيه: بحسب اعتقاد السائل وتسميته الذي يعطاه خيرًا، وهو في الحقيقة شر له، والله أعلم.

وقال السندي: قوله: "خير من أن يسأل رجلًا" أي: لو فرض في السؤال خير. . لكان هذا خيرًا منه، وإلا. . فمعلوم أنَّه لا خيرية في السؤال. انتهى.

وقال الحافظ: ومن المواضع التي وقع فيها التردد من لا شيء له، فالأولى في حقه أن يكتسب للصون عن ذل السؤال، أو يترك وينتظر ما يفتح عليه بغير

<<  <  ج: ص:  >  >>