وهذا السند من سباعياته، وحكمه: الصحة؛ لأن رجاله ثقات أثبات.
(أنها) أي: أن أم حبيبة (قالت لرسول الله صلى الله عليه وسلم: انكح أختي عزة) بنت أبي سفيان، (قال) لها (رسول الله صلى الله عليه وسلم: أ) تقولين انكحها و (تحبين ذلك؟ ! ) أي: تزوجي إياها ولا تغارين لها، والهمزة داخلة على محذوف؛ كما قدرناه، وتحبين معطوف بعاطف مقدر على ذلك المحذوف، والاستفهام للتعجب من كونها تطلب أن يتزوج مع ما طبع عليه النساء من الغيرة.
(قالت) أم حبيبة: (نعم يا رسول الله) أحب زواجك إياها (فلست) أي: لأني لست (لك بمخلية) الجار والمجرور متعلق بما بعده؛ أي: لست مخليةً بك، ومخلية اسم فاعل لمؤنث من الإخلاء، ويستعمل لازمًا ومتعديًا؛ فالمعنى على الأول: إني لست بمنفردة معك ولا خاليةٍ من ضرة، وعلى الثاني: إني لا أستطيع أن أجعلك خاليًا عن غيري من النساء، وقال ابن الأثير في "النهاية": هو من أخلى الرجل؛ إذا وجده خاليًا؛ فالمراد: أني لم أجدك خاليًا من الزوجات، وليس هو من قولهم: امرأة مخلية؛ إذا خلت من الأزواج.
(وأحق من شركني في خير) وأحبه إلي في ذلك (أختي) بنت أبي سفيان، وشركني -بكسر الراء- من باب سمع؛ أي: أحق من شاركني في صحبتك والتمتع ببركاتك أختي، وهذا قبل علمها بحرمة الجمع بين الأختين، أو ظنت أن جوازه من خصائص النبي صلى الله عليه وسلم؛ لأن أكثر أحكام نكاحه يخالف أحكام أنكحة الأمة، كذا في "عمدة القاري".