أعلم، كذا في "شرح النووي"، وقال ابن الهمَّام: ثم كيف جاز أن يباشر عورتها بشفتَيهِ؟ ! فلعلَّ المراد: أن تحلب له شيئًا من لبنها مقداره خمس رضعات، فيشربه، وإلا .. فهو مشكل.
(فأتت) النبي صلى الله عليه وسلم؛ أي: رجعت إليه ثانيًا (فقالت) له صلى الله عليه وسلم: إني فعلت ما أمرتني به من إرضاعه؛ و (ما رأيت) بعد ذلك (في وجه أبي حذيفة شيئًا أكرهه) من العبوسة (بعد) أي: الآن أو بعد إرضاعه (و) قد (كان) سالم (شهد بدرًا) أي: غزوتها؛ لكونه كبيرًا قبل إرضاعه، قال القاضي عياض: والمعتبر في الرضاع وصول اللبن إلى الجوف ولو بصبِّهِ في الحَلْق، ولعلَّ رضاعَ سالم كان هكذا؛ إذ لا يجوز له رؤيةُ ثديها ولا مسُّهُ ببعضِ أعضائه. انتهى من "الأبي".
والحاصل: أن سهلة بنت سهيل أتت رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقالت له: يا رسول الله؛ إني أرى في وجه أبي حذيفة شيئًا من الكراهة من دخول سالم علينا؛ أي: من أجل دخوله علي.
وكان سالم -وهو كما في "أسد الغابة": سالم بن عبيد بن ربيعة، خلافًا لما مر آنفًا عن "الإصابة"- قد تبناه أبو حذيفة على عادة العرب؛ كما تبنَّى النبيُّ صلى الله عليه وسلم زيدَ بن حارثة، ونشأ في حِجْر أبي حذيفة وزوجتِهِ نشأةَ الابنِ عند والديه، وكان أبو حذيفة يرى أنه ابنُهُ، فلما أنزل الله تعالى قولَه:{ادْعُوهُمْ لِآبَائِهِمْ}(١) .. بَطَلَ حُكْمُ التبني، وبقي سالم على دخوله على سهلة؛ بحكم الصغر، فلما بلغ مبلغ الرجال .. وجد أبو حذيفة وزوجته في نفوسهما