وقد يُجمع بين الروايتين في حديث ميمونة؛ كما مر آنفًا؛ بأن يكون معنى قوله:(وهو محرم) أي: حالٌّ بالحرم، ومن حَلَّ بالحرم .. يقال له: مُحْرِمٌ، وهي لغة شائعة.
قال القاضي عياض: القولُ بأنَّهُ تزوَّجَها وهو حلال هو روايةُ أكثرِ الصحابة، ولم يُرْوَ أنَّهُ تزوَّجها وهو محرم إلَّا من حديث ابن عباس، وبه أخذ الكوفيون، وخالفهم في ذلك سائرُ الفِرَقِ والمذاهبِ.
قال الأبي: ولا شك في ترجيح قول الأكثر، قال السنوسي: ويحتمل أن يكون معنى قوله: (وهو محرم) أي: عازم على الإحرام مُجْمِعٌ عليه؛ لتوهُمِ أنَّ نكاحَ من عزم على الإحرام مُحَرَّمٌ؛ خوفَ إفساد الإحرام بتزوجِ امرأة جديدة. انتهى من "الكوكب".
وشارك المؤلف في رواية هذا الحديث: البخاري في كتاب الحج، باب تزوج المحرم، وفي كتاب المغازي، باب عمرة القضاء، ومسلم في كتاب النِّكَاح، باب تحريم نكاح المحرم، وأبو داوود في كتاب المناسك، باب المحرم يتزوج، والترمذي في كتاب الحج، باب الرخصة في الزواج للمحرم، وقال: حديث حسن صحيح، والنسائي في كتاب الحج، باب الرخصة في الزواج للمحرم.
وهذا الحديث في أعلى درجات الصحة؛ لأنه من المتفق عليه، وغرضه: الاستشهاد به.
* * *
ثم استشهد المؤلف ثانيًا لحديث ميمونة بحديث عثمان رضي الله تعالى عنهما، فقال:
(١١٩) - ١٩٣٥ - (٣)(حدثنا محمد بن الصباح) بن سفيان الجرجرائي