وثانيها: إنكار ميمونة لهذا، وإخبارها بأنه صلى الله عليه وسلم تزوج بها وهو حلال، وهي أعلم بقصتها منه.
وثالثها: أن بعض أهل النقل والسير ذكر أن النبي صلى الله عليه وسلم بعث مولاه أبا رافع من المدينة، فعقد نكاحها بمكة بوكالة النبي صلى الله عليه وسلم له في ذلك، ثم وافى النبي صلى الله عليه وسلم محرمًا، فبنى بها بسرف حلالا، وأشهر تزوجها بمكة عند وصوله إليها.
ورابعها: أن قول ابن عباس: (وهو محرم) يحتمل أنه دخل في الحرم؛ فإنه يقال: أحرم؛ إذا دخل في الحرم، واسم الفاعل منه محرم؛ كما يقال: أَنْجَدَ وأَتْهَمَ، وهو مُنْجِدٌ ومُتْهِمٌ؛ إذا دخَلَ ذلك.
وخامسها: تسليم ذلك كله وادعاء الخصوصية بالنبي صلى الله عليه وسلم؛ فقد ظهرت تخصيصاته في باب النِّكَاح بأمور كثيرة؛ كما خص بالموهوبة، وبنكاح تسع، وبالنِّكَاح من غير ولي ولا إذن الزوجة؛ كما فعل مع زينب، إلى غير ذلك.
وسادسها: أن هذه حكايةُ حالِ واقعةٍ معينةٍ تحتمل أنواعًا كثيرةً من الاحتمالات المتقدمة، والحديثُ المقتضي للمنعِ ابتداءًا تقعيدُ قاعدةٍ وتقريرُها، فهو أولى على كلّ حال، والله الموفق. انتهى من "المفهم".
وشارك المؤلف في رواية هذا الحديث: مسلم في كتاب النِّكَاح، باب تحريم نكاح المحرم، وأبو داوود في كتاب المناسك، باب المحرم يتزوج، والترمذي في كتاب الحج، باب ما جاء في كراهية التزوج للمحرم، والنسائي في كتاب مناسك الحج، باب النهي عن ذلك، باب النهي عن نكاح المحرم، والدارمي في كتاب المناسك، ومالك.