بالرسول صلى الله عليه وسلم فيما فعل وفيما ترك الذي من جملته لعن هذه المذكورات. . مذكور (في كتاب الله) عز وجل؟ ! يعني: القرآن؛ كما سيشرحه قريبًا بقوله:{وَمَا آتَاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَمَا نَهَاكُمْ عَنْهُ فَانْتَهُوا}(١)؛ أراد به: أن ما أمر به الرسول صلى الله عليه وسلم أو نهى عنه. . فإنه من جملة أوامر الله تعالى ونواهيه؛ لأن كتاب الله أمرنا بإطاعة الرسول صلى الله عليه وسلم واتباعه.
قال القرطبي: وقول ابن مسعود للمرأة: (وما لي لا ألعن من لعنه رسول الله صلى الله عليه وسلم؟ ! ) دليل على: جواز الاقتداء برسول الله صلى الله عليه وسلم في إطلاق اللعن علي من لعنه النبي صلى الله عليه وسلم معينًا كان أو غير معين؛ لأن الأصل أن النبي صلى الله عليه وسلم ما كان يلعن إلا من يستحق ذلك، غير أن هذا يعارضه قوله صلى الله عليه وسلم:"اللهم؛ ما من مسلم سببته أو جلدته أو لعنته وليس لذلك بأهل. . فاجعل ذلك له كفارة وطهورًا" رواه مسلم (٢٦٠١)، وهذا يقتضي أنه صلى الله عليه وسلم قد يلعن من ليس بأهل للعنة، وقد أشكل هذا على كثير من العلماء، وراموا الانفصال عن ذلك بأجوبة متعددة ذكرها القاضي عياض في كتاب "الشفاء".
وأشبهُ ما يُنْفصَلُ به عن ذلك: أن قوله: "ليس لذلك بأهل" في علم الله؛ وأعني بذلك: أن هذا الذي لعنه رسول الله صلى الله عليه وسلم إنما لعنه لسبب صدرمنه يقتضي إباحة لعنه، لكنه قد يكون منهم من يعلم الله تعالى من مآل حاله أنه يقلع عن ذلك السبب ويتوب منه؛ بحيث لا يضره، فهذا هو الذي يعود عليه سب رسول الله صلى الله عليه وسلم إياه ولعنه له بالرحمة والطهور والكفارة.