وقد وقع في رواية الهوزني أحد رواة مسلم مكان (الواشمة والمستوشمة): (الواشية والمستوشية) بالياء المثناة تحتُ مكان الميم، وهي من الوشي؛ أي: تَشِي المرأةُ نفسها بما تفعله فيها من التنميص والتفليج والأشر وغير ذلك، وبالميم أشهر.
وهذه الأمور كلها قد شهدت الآيات بلعن من يفعلها، وبأنها من الكبائر، واختلف في المعنى الذي لأجله نهي عنها: فقيل: لأنها من باب التدليس، وقيل: من باب تغيير خلق الله، الذي يحمل الشيطان عليه ويأمر به؛ كما قال تعالى مخبرًا عنه:{وَلَآمُرَنَّهُمْ فَلَيُغَيِّرُنَّ خَلْقَ اللَّهِ}(١)، وهو الذي أومأ إليه في الحديث بقوله:"المغيرات خلق الله"، وفيه تصريح بأن الوَصْلَ والوشم والنمص وغيرها. . من جملة تغيير خلق الله تعالى الذي يفعله الإنسان بإغواء من الشيطان، والذي نهى الله عنه في كتابه المجيد.
وقال القرطبي في "تفسيره"(٥/ ٣٩٢): ثم قيل: هذا المنهي عنه إنما هو فيما يكون باقيًا؛ لأنه من باب تغيير خلق الله تعالى؛ فأما ما لا يكون باقيًا؛ كالكُحْلِ والتزيُّنِ به للنساء. . فقد أجازه العلماء مالك وغيره، وكرهه مالك للرجال، وأجاز مالك أيضًا أن تَشِيَ المرأةُ يديها بالحناء.
والحاصل: أن كل ما يُفعل في الجسم؛ من زيادة أو نقص؛ من أجل الزينة بما يجعل الزيادة أو النقصان مستمرًا مع الجسم، وبما يبدو منه أنه كان في أصل الخلقة هكذا. . فإنه تلبيسٌ وتغيير منهي عنه، وأما ما تزيَّنَتْ به المرأةُ لزوجها؛ من تحمير الأيدي أو الشفاهِ أو للعارضين بما لا يلتبس أصل الخلقة. . فإنه ليس داخلًا في النهي عند جمهور العلماء.