(فقال عمر) بن الخطاب: (دعني) أي: اتركني (يا رسول الله حتى أضرب) أي: لكي أضرب (عنق هذا المنافق) المسيء بك الأدب، (فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: إن هذا) الرجل (في أصحاب) وجماعة له، (أو) قال النبي صلى الله عليه وسلم، أو جابر في (أصيحاب) كائنين (له) أي: لهذا الرجل بالتصغير، والشك من جابر، أو ممن دونه (يقرؤون القرآن) قراءة عجيبة، حالة كون القرآن (لا يجاوز تراقيهم) أي: لا يتعدى من ألسنتهم إلى قلوبهم فيؤثر فيها، والتراقي جمع ترقوة -بفتح المثناة الفوقية وسكون الراء وضم القاف بوزن فعلوة- قال في "القاموس": ولا تضم تاؤه؛ العظم الذي بين ثغرة النحر والعاتق؛ يعني: أن قراءتهم لا يرفعها الله تعالى ولا يقبلها؛ لعلمه باعتقادهم، أو أنهم لا يعلمون بها، فلا يثابون عليها، أو ليس لهم فيه حظ إلا مروره على ألسنتهم، فلا يصل إلى حلوقهم فضلًا عن أن يصل إلى قلوبهم؛ لأن المطلوب منه تعقله وتدبره ليقع في القلب. انتهى "قسطلاني".
والمعنى: أن الرجل ليس بمنفرد حتى يندفع شره بقتله، بل مع أصحاب وأمثال له (يمرقون من الدين) أي: من دين الإسلام (كما يمرق السهم من الرمية) أي: من الصيد المرمي.
وهذا الحديث مما انفرد به ابن ماجه، ولكن له شواهد من الأحاديث السابقة واللاحقة.