وقولُه:(حتى أنزل الله) عز وجل غاية للقول المذكور: ({تُرْجِي مَنْ تَشَاءُ مِنْهُنَّ وَتُؤْوِي إِلَيْكَ مَنْ تَشَاءُ} (١)، {تُرْجِي} وتوخر {مَنْ تَشَاءُ مِنْهُنَّ} تأخيرها عن المضاجعة معها {وَتُؤْوِي} ـ أي: تضم {إِلَيْكَ مَنْ تَشَاءُ} ضمها إليك بالمضاجعة معها {وَمَنِ ابْتَغَيْتَ} وطلبت الرجوع إليها بالمضاجعة {مِمَّنْ عَزَلْتَ} أي: عَطَّلْتَها من المضاجعة معها. . {فَلَا جُنَاحَ عَلَيْكَ} في ابتغائِها.
واختلف المفسرون في تفسيرِ هذه الآية على ثلاثة أقوال:
الأولُ: أنه إباحةٌ له صلى الله عليه وسلم في تَرْكِ القَسْم، ومعنى الإرجاء والإيواء: أن يُؤخِّرَ مَنْ شاء منهن ويَبيتَ مع مَنْ شاء، وهذا قول الجمهور.
والثاني: أنه إباحةٌ له صلى الله عليه وسلم في طلاقِ بعض أزواجه وإمساكِ بعض، وأنه كان هَمَّ بطلاقِ بعضِهن، فقُلْنَ له: لا تطلقنا، واقْسِمْ لنا ما شئت، فكان يَقْسِمُ لبعضٍ قسمًا مستويًا، وهن اللاتي آواهن؛ ومنهن: عائشة، وحفصةُ، وأمُّ سلمة، ويَقْسِمُ للباقي ما شاء، وهن اللاتي أرجاهن؛ وهن: سودة، وجُويرية، وصفيةُ، وميمونةُ، وأمُّ حبيبة، وكان يقسم لهن ما شاء، وتُوفِّي صلى الله عليه وسلم وقد آوى جميعهن إلا صفية، وهذا وَهْمٌ، والصوابُ: إلا سودة؛ فإنها هي التي وَهَبَتْ نوبتَها لعائشة، وهذا يدلُّ على أن القسم ليس واجبًا عليه، وهو أحد القولين.
والثالث: أن الآية في الواهبات، وهو تخييرٌ له صلى الله عليه وسلم أن يَقْبَلَ من شاء منهن ويَرُدَّ من شاء، وحديث عائشة يؤيد هذا القول الأخير والذي