بالرجوع إليه أمرًا من عند الله ومن عندك؛ أي: أتأمرني بالرجوع إليه على سبيل الحتم، وعند ابن مسعود من مرسل ابن سيرين بسند صحيح: فقالت: يا رسول الله؛ أشيء واجب عليَّ؟ قال:"لا" فـ (قال) لها رسول الله صلى الله عليه وسلم: لا؛ أي: لا آمرك حتمًا، قال الخطابي: في قول بريرة: (أتأمرني بذلك يا رسول الله؟ ) دليل على أنَّ أصل أمره صلى الله عليه وسلم على الحتم والوجوب (إنما أشفع) له إليكِ؛ أي: أقول ذالكِ على سبيل الشفاعة لا على سبيل الحتم عليك.
فـ (قالت) بريرة لرسول الله صلى الله عليه وسلم: إني إذًا (لا حاجة لي فيه) أي: في الرجوع إليه؛ فإنه ليس كفؤًا لي؛ لأنه عبد، وأنا رُزِقْتُ الحريةَ من عند الله تعالى، وفيه: أنه لا إِثْمَ في رَدِّ شفاعةِ الصالحين.
وشارك المؤلف في رواية هذا الحديث: البخاري في كتاب الطلاق، باب شفاعة النبي صلى الله عليه وسلم في زوج بريرة، وأبو داوود في كتاب الطلاق، باب في المملوكة تعتق، وهي تحت حر أو عبد، والنسائي في كتاب آداب القاضي، باب شفاعة الحاكم للخصوم قبل فصل الحكم.
فدرجته: أنه صحيح؛ لصحة سنده وللمشاركة فيه، وغرضه: الاستشهاد به.
* * *
ثم استشهد المؤلف ثانيًا لحديث عائشة الأول بحديث آخر لها رضي الله تعالى عنها، فقال:
(٦٠) - ٢٠٤٤ - (٣)(حدثنا علي بن محمد) بن إسحاق الطنافسي