(قالت) عائشة: (قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: من نذر أن يطيع الله) عز وجل وكلمة (أن) مصدرية .. (فليطعه) بالجزم؛ لأنه جواب الشرط (ومن نذر أن يَعْصِيَ الله .. فَلا يعصه) بالجزم أيضًا؛ لأنه جواب الشرط، والإِطاعةُ أعم من أن تكون في واجب أو مستحب، يتصور النذر في فعل الواجب بأن يُؤقِّت؛ كمن نذر أن يصلى الصلاة في أول وقتها، فيجب عليه ذلك بقدر طاقته.
وأما المستحب من جميع العبادات المالية والبدنية .. فينقلب بالنذر واجبًا، ويتقيد بما قيده به الناذر، والخبر صريح في الأمر بوفاء النذر إذا كان في طاعة، وفي النهي عن ترك الوفاء به إذا كان في معصية.
"ومن نذر أن يعصي الله .. فلا يعصه" قال في "شرح السنة": فيه دليل على أن من نذر معصية .. لا يجوز الوفاء به، ولا يلزمه الكفارة، إذ لو كانت الكفارةُ .. لبَيَّنهُ النبيُّ صلى الله عليه وسلم، قال القاري: لا دلالة في الحديث على نفي الكفارة ولا على إثباتها، قلت: الأمر كما قال القاري. انتهى من "تحفة الأحوذي".
قال الخطابي: في هذا بيان أن النذر في المعصية غير لازم، وأن صاحبه منهي عن وفائه، وإذا كان كذلك .. لم تجب فيه كفارة، ولو كان فيه كفارة .. لَأَشْبَه أن يَجْرِيَ ذكرهَا في الحديث وأن يُوجد مقرونًا به، وهذا على مذهب مالك والشافعي.
وقال أصحاب الرأي وسفيان الثوري: إذا نذر في معصية .. فكفارته كفارة يمين، قال: واحتجوا على ذلك بحديث الزهري، وقد رواه أبو داوود في هذا