للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: "لَا يَبِيعُ حَاضِرٌ لِبَادٍ، دَعُوا النَّاسَ يَرْزُقُ اللهُ بَعْضَهُمْ مِنْ بَعْضٍ".

===

وهذا السند من رباعياته، وحكمه: الصحة؛ لأن رجاله ثقات.

(أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: لا يبيع حاضر لباد، دعوا الناس) أي: اتركوا الناس على تبايع بعضهم من بعض، فلا تدخلوا بين المتبايعين؛ فإنه (يرزق الله بعضهم) كالحاضر (من بعضـ) هم؛ كالبادي الذي قدم بالسلعة؛ أي: لا تكونوا سماسرةً بينهم.

قوله: "دعوا الناس" أي: اتركوا الناس أيها السماسرة على نظامهم السوقي، فلا تتدخلوا بينهم ولا تتحكموا عليهم بالتسعير، حالة كونهم "يرزق الله بعضهم من بعض" أي: اتركوهم ليبيعوا طعامهم ومتاعهم فيرتزقوا؛ يعني: أن الله تعالى يرزق المشتري بواسطة البائع ويرزق البائع بواسطة المشتري، فلا يجوز لأحد أن يتدخل في هذا النظام الإلهي ويتحكم فيه بالأسعار.

فالحديث يدل على أنَّ الإسلام يعترفُ بنظام السوق وقُوَّتي العَرْضِ والطَّلَب، ويحب أن تسيرَ السوقُ على سيرها الطبيعي، ولا يُحِبُّ أن يتدخَّل فيها رجل؛ كما لا يُحب أن تَحْدثَ في السوق احتكاراتٌ تُسيطرُ على السوقِ وتستبدُّ بالأسعار، وهذا من ميزات النظام الاقتصادي الإسلامي التي تُميِّزُهُ عن الرَّأْسَماليةِ والاشتراكية، ثُمَّ إنَّ أحاديثَ النهي عن بيع الحاضر للبادي تدلُّ على أنَّ الإسلام يَسْتَحْسِنُ ألا تكون بين البائع والمشتري وسائطُ، أو تكون قليلة جدًّا؛ فإنه كلما كثرت الوسائط بين البائع والمشتري .. ازداد الثمن على المستهلِكين، فما يُسمِّيه علماءُ الاقتصادِ اليومَ الرجلَ المتوسطَ .. مما لا يستحسنهُ الإسلامُ، إلا إذا اشتدت الحاجة إليه، فالسمسرةُ وإن كانت جائزة، ولكن الإكثار من الوسائط بين الصانع والمستهلك .. مما لا يُشجِّعُ

<<  <  ج: ص:  >  >>