تنفيقه أولًا "يمحق" بفتح حرف المضارعة؛ من باب منع؛ مثل قوله تعالى:{يَمْحَقُ اللَّهُ الرِّبَا}(١)؛ أي: يمحق بركة البيع.
قال القرطبي: وإنما حذر عن كثرة الحلف؛ لأن الغالب ممن كثرت أيمانه وقوعه في الكذب والفجور، وإن سلم من ذلك على بعده .. لم يسلم من الحنث أو الندم؛ لأن اليمين حنث أو ندامة، وإن سلم من ذلك .. لم يسلم من مدح السلعة المحلوف عليها والإفراط في تزيينها؛ ليروجها على المشتري مع ما في ذلك من ذكر الله تعالى لا على جهة التعظيم، بل على جهة مدح السلعة، فاليمين على ذلك تعظيم للسلع، لا تعظيم لله تعالى، وهذه كلها أنواع من المفاسد لا يقدم عليها إلا من عقله ودينه فاسد. انتهى من "المفهم".
وقد دل الحديثان على كراهية الحلف في البيع؛ لأن الحلف إن كان كاذبًا .. فهو عين الحرام، وإن كان صادقًا؛ فإن الرجل إذا اعتاد ذلك .. تدرج إلى الكاذب منه، فكره ذلك سدًّا للذريعة، ولأن حقيقة الحلف هو جعل الشيء في ذمة الله أو شهادته، وكل ذلك لا يناسب في أمور دنيويةٍ تافهةٍ.
قال الدهلوي: ويكره إكثار الحلف في البيع؛ لشيئين:
كونه مظنةً لتغرير المتعاملين.
وكونه سببًا لزوال تعظيم اسم الله عن القلب.
والحلف الكاذب منفقة للسلعة؛ لأن مبنى الإنفاق على تدليس المشتري، وممحقة للبركة؛ لأن مبنى البركة على توجه دعاء الملائكة إليه، وقد تباعدت بالمعصية، بل دعت عليه. انتهى من "التكملة".