للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

إِلَّا أَنْ يَشْتَرِطَ الْمُبْتَاعُ".

===

والتأبير: هو التلقيح، والتلقيح: هو شق طلع النخلة الأنثى فيذر فيه شيء من طلع النخل الذكر، فتصلح ثمرته بإذن الله تعالى، ويقال: أبرت النخل، من بابي ضرب وقتل، فيكون التأبير -كما في "المصباح"- مبالغةً فيه، قال العيني: وتأبير كل شيء بحسبه وبما جرت به عادتهم فيه مما يثبت ثمره ويعقده، وقد يعبر بالتأبير عن ظهور الثمرة وعن انعقادها وإن لم يفعل فيها شيء. انتهى.

ولا يبعد أن يكون التأبير في هذا الحديث كنايةً عن ظهور ثمرتها؛ لكونه لازمًا له غالبًا فثمرتها للبائع، ومن أجل هذا الحديث أجمع العلماء على أن النخل إذا بيع بعد التأبير .. فالثمرة للبائع (إلا أن يشترط) ها (المبتاع) أي: المشتري أن تكون له في العقد؛ كأن يقول في القبول: قبلت بيعها بشرط أن تكون الثمرة لي.

وفيه دليل على أن الشرط إذا لم يكن مخالفًا لمقتضى العقد .. لا يفسد به البيع؛ فإن اشتراط الثمر في بيع النخل زيادة في المبيع حقيقةً، ولا يخالف مقتضى عقد البيع، فجاز هذا الاشتراط، وأما إذا باع قبل التأبير .. فقد ذكروا فيه خلافًا بين الحنفية والشافعية.

وأن الشافعية يجعلون الثمرة للمشتري في تلك الصورة أيضًا، ويستدلون بمفهوم حديث الباب، والحنفية والأوزاعي يجعلونها للبائع في تلك الصورة أيضًا، ولا يعتبرون المفهوم، والحكم عند الحنفية فيما قبل التأبير وما بعده سواء، وقد جرت في هذا الخلاف أبحاث طويلة، فلتراجع كتب الفروع؛ فإنها مشحونة بها.

قال القرطبي: قوله: "إلا أن يشترط المبتاع" يعني: الثمر المؤبر لا يدخل مع الأصول في البيع إلا بالشرط، وصح اشتراطه؛ لأنه عين موجودة يحاط بها

<<  <  ج: ص:  >  >>