للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

فَيُكْسَرَ بَابُ خِزَانَتِهِ فَيُنْتَثَلَ طَعَامُهُ؟ فَإِنَّمَا تَخْزُنُ لَهُمْ ضُرُوعُ مَوَاشِيهِمْ أَطْعِمَاتِهِمْ، فَلَا يَحْلِبَنَّ أَحَدُكُمْ مَاشِيَةَ أمْرِئً بِغَيْرِ إِذْنِهِ".

===

قال ابن الملك: الاستفهام للإنكار؛ يعني: لا يحب أحدٌ ذلك (فيكسر باب خزانته فينتثل) أي: يؤخذ (طعامه) الذي خزن فيها؟ ! فهو بالبناء للمفعول؛ من الانتثال -بالثاء المثلثة- من النثل؛ وهو النثر مرة واحدة بسرعة، وقيل: الاستخراج؛ أي: ينثر ويستخرج طعامه.

(فإنما تخزن) من باب نصر؛ أي: إنما تجمع وتحفظ (لهم ضروع مواشيهم) بالرفع على الفاعلية، وقوله: (أطعماتهم) بالنصب على المفعولية؛ أي: ألبانهم التي هي طعامهم وقوتهم، والضروع: جمع ضرع، والضرع للبهائم كالثدي للمرأة (فلا يحلبن أحدكم) أيها المسلمون (ماشية امرئ) منكم (بغير إذنه) وفي تشبيه الضرع بالمشربة -وهي الغرفة- إشارة إلى أن حرز الضرع مستوثق في الشرع جدًّا؛ لأنه شبهه بالغرفة التي يصعب صعودها، وربما تكون مقفلة؛ بحيث لا يظفر بما فيها إلا بالكسر، فينبغي ألا تحلب الماشية إلا بإذن صاحبها، وفي "القرطبي": والمشربة: سقيفة يختزن فيها الطعام، وقيل: هي كالغرفة.

وفيه من الفقه: استعمال القياس، وإباحة خزن الطعام واحتكاره إلى وقت الحاجة، خلافًا لغلاة المتزهدة القائلة لا يجوز الادخار مطلقًا.

وفي رواية مسلم: (فينتقل طعامه) من الانتقال؛ معناه: يؤخذ وينقل إلى موضع آخر، وهو بمعنى (ينتشل) في الرواية الأخرى، إلا أن النثر بمرة واحدة، يقال: نثل ما في كنانته؛ أي: صبها.

وقوله: "فلا يحتلبن أحدكم ماشية امرئ بغير إذنه" إنما نهى عن ذلك؛ لأن أصل الأملاك: بقاؤها على ملك ملاكها وتحريمها على غيرهم؛ كما قال

<<  <  ج: ص:  >  >>