بسكين حتى يموت، ولا هو سالم عن الذبح حتى يكون حيًّا.
وقيل: أراد الذبح الغير المتعارف الذي هو عبارة عن هلاك دينه دون هلاك بدنه؛ وذلك أنه ابتلي بِالفَنَاءِ الدائم، والداءِ المُعْضِل الذي يُعْقِبُ الندامةَ إلى يوم القيامة، والجمهور حملوه على ذم التولِّي بالقضاء والترغيبِ عنه؛ لما فيه من الخطر، وحمله ابنُ القَاصِّ على الترغيب فيه؛ لما فيه من المجاهدة.
وقال بعضهم: معنى (ذبح): أنه ينبغي له أن يميت دواعيه الخبيثة، وشهواته الرديئة، وعلى هذا، فالخبر بمنزلة الأمر، والحديث إرشاد له إلى ما يليق بحاله، لا يليق بمدح ولا ذم. انتهى منه.
وفي "العون": قوله: "من جعل نفسه قاضيًا" بالبناء للفاعل؛ أي: من تصدى للقضاء وتولاه، أو بالبناء للمفعول؛ أي: من جعله الإمام قاضيًا، كذا في "فتح الودود" .. "فقد ذبح" بالبناء للمجهول "بغير سكين" قال ابن الصلاح: المراد: ذبح من حيث المعنى؛ لأنه بين عذاب الدنيا إن رشد وبين عذاب الآخرة إن فسد، قال الخطابي ومن تبعه: إنما عدل عن الذبح بالسكين؛ ليعلم أن المراد: ما يخاف من هلاك دينه دون بدنه، وهذا أحد الوجهين.
والثاني: أن الذبح بالسكين فيه إراحة المذبوح، وبغير السكين؛ كالخنق وغيره يكون الألم فيه أكثر، فذكر ليكون أبلغ في التحذير. انتهى منه.
وفي "السبل": دل الحديث على التحذير من ولاية القضاء والدخول فيه؛ كأنه يقول: من تولى القضاء .. فقد تعرض لذبح نفسه، فليحذره وليتوقه؛ فإنه إن حكم بغير الحق مع علمه به أو جهله له .. فهو في النار.
والمراد من ذبح نفسه: إهلاكها؛ أي: فقد أهلكها بتولية القضاء، وإنما قال: بغير سكين؛ للإعلام بأنه لم يرد بالذبح قطع الأوداج الذي يكون غالبًا