قال الخطيب الشربيني: والقاضي الذي ينفذ حكمه هو الأول، والثاني والثالث لا اعتبار بحكمهما. انتهى، انتهى من "العون".
قال الخطابي: إنما يؤجر المخطئ على اجتهاده في طلب الحق؛ لأن الاجتهاد عبادة، ولا يؤجر على الخطأ، بل يوضع عنه الإثم فقط، وهذا فيمن كان جامعًا لآلة الاجتهاد، عارفًا بالأصول، عالمًا بوجوه القياس، فأما من لم يكن محلًا للاجتهاد .. فهو متكلف، ولا يعذر بالخطأ، بل يخاف عليه الوزر، ويدل عليه قوله عليه الصلاة والسلام:"القضاة ثلاثة؛ واحد في الجنة، واثنان في النار"، وهذا إنما هو في الفروع المحتملة للوجوه المختلفة، دون الأصول التي هي أركان الشريعة وأمهات الأحكام التي لا تحتمل الوجوه ولا مدخل فيها للتأويل؛ فإن من أخطأ فيها كان غير معذور في الخطأ، وكان حكمه في ذلك مردودًا، كذا في "المرقاة" للقاري.
وقال في مختصر "شرح السنة": إنه لا يجوز لغير المجتهد أن يتولى القضاء، ولا يجوز للإمام توليته، قال: والمجتهد من جمع خمسة علوم:
١ - علم كتاب الله تعالى.
٢ - وعلم سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم.
٣ - وأقاويل علماء السلف؛ من إجماعهم واختلافهم.
٤ - وعلم قواعد اللغة العربية.
٥ - وعلم القياس؛ وهو طريق استنباط الحكم من الكتاب والسنة إذا لم يجده صريحًا في نص كتاب أو سنة أو إجماع.
فيجب أن يعلم من علم الكتاب الناسخ والمنسوخ، والمجمل والمفصل، والخاص والعام، والمحكم والمتشابه، والكراهة والتحريم، والإباحة والندب.