وهذا السند من خماسياته، وحكمه: الصحة؛ لأن رجاله ثقات.
(أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: لا يقضي القاضي) بصيغة الخبر (بين اثنين) فأكثر (وهو) أي: والحال أنه (غضبان) لحظوظ النفس وأمور الدنيا لا لحقوق الله تعالى (قال هشام) بن عمار (في حديثه) وروايته: (لا ينبغي) ولا يليق (للحاكم أن يقضي بين اثنين) فأكثر (وهو غضبان) وكلمة: (ينبغي) تحتمل الوجوب والندب، وغالبًا يكون للندب، فهي كالتفسير لقوله: "لا يقضي" بأنه على سبيل الندب، ولذلك لو حكم في حالة الغضب .. نفذ حكمه، فأفاد أن قوله: "لا يقضي" بصيغة الخبر لا بصيغة النهي، وإلا .. فيكون قضاؤه في حالة الغضب حرامًا، فلا ينفذ حكمه فيها، وفي رواية مسلم:(لا يحكم أحد بين اثنين وهو غضبان) بالجزم على النهي عن القضاء في حالة الغضب، فيحمل النهي على التنزيه.
قال السندي: قوله: "لا يقضي القاضي" نفي بمعنى النهي؛ أي: لا ينبغي له ذلك؛ وذلك لأن الغضب يفسد الفكر، ويغير الحال، فلا يؤمن عليه من الخطأ في الحكم، وقالوا: وكذا الجوع والعطش وأمثال ذلك؛ كمدافعة الأخبثين. انتهى منه.
قال العلماء: ويلتحق بالغضب كل حال يخرج الحاكم فيه عن سداد النظر واستقامة الحال؛ كالشبع المفرط، والجوع المقلق، والهم والفرح البالغ، ومدافعة الحدث، وتعلق بأمر، ونحو ذلك؛ كشدة الألم والبرد والحر والخوف، فكل هذه الأحوال يكره فيها القضاء؛ خوفًا من الغلط، فإن قضى فيها .. صح