قال الخطابي: إنما لا تقبل شهادة البدوي؛ لجهلهم بأحكام الشرع وبكيفية تحمل الشهادة وأدائها بغير زيادة ولا نقصان، وإن كان عدلًا من أهل قبول الشهادة .. جازت شهادته، خلافًا لمالك.
قيل: إن كانت العلة جهالتهم .. لزم إلا يكون للتخصيص في قوله:"على صاحب قرية" فائدة.
وقيل: معنى "لا تجوز" عند من يرى الجواز؛ أي: لا يحسن؛ لحصول التهمة لبعد ما بين الرجلين، ويؤيد ذلك تعديتها بعلي، فلو شهد له .. يقبل، وقيل: معنى "لا تجوز" أي: لا تحسُنُ أن يَحْمِلَ مصلحةً؛ لأنه يتعذَّر طلبُه عند الحاجة إليه؛ أي: إلى أداء شهادته، وقيل: يحتمل أن يكون ورد في الشهادة على الإعسار، وفيها يعتبر أن يكون الشاهد من أهل الخِبْرة الباطنة. انتهى "سندي".
وكذلك قال أحمد، وذهب إلى العمل بهذا الحديث جماعة من أصحاب أحمد، وبه قال مالك وأبو عبيد، وذهب الأكثر إلى القبول، قال ابن رسلان: وحملوا هذا الحديث على من لَمْ تعرف عدالته من أهل البدو والغالب أنهم لا تعرف عدالتهم. كذا في "النيل".
قال المنذري: وأخرجه ابن ماجة، ورجال إسناده احتج بهم مسلم في "صحيحه"، وقال البيهقي: وهذا الحديث مما تفرد به محمد بن عمرو بن عطاء عن عطاء بن يسار، فإن كان حفظه .. فقد قال أبو سليمان الخطابي: يشبه أن يكون إنما كره شهادة أهل البدو؛ لما فيهم من عدم العلم بإتيان الشهادة على وجهها ولا يقيمونها على حقِّها؛ لقصورِ علمِهم عما تحملُها وتغيُّرِها عن جهتِها، والله أعلم. انتهى من "العون".