وقال الخطابي أيضًا: القضاء باليمين وشاهد خاص بالأموال دون غيرها؛ لأن الراوي وقفه عليها، والخاصُّ لا يُتعدَّى به محلُّه ولا يقاس عليه غيره، واقتضاءُ العموم منه غير جائز؛ لأنه حكايةُ فعل، والفعل لا عمومَ له، فوجب صرفه إلى أمر خاص، وإنما قال الراوي: هو في الأموال كان مقصورًا عليها. انتهى كلامه.
وقال أيضًا: وليس هذا بمخالف لقوله صلى الله عليه وسلم: "البينة على المدعي، واليمين على المدعى عليه" لأنه في اليمين إذا كانت مجردة، وهذه يمين مقرونة ببينة، وكل واحدة منهما غير الأخري، فإذا تباين محلاهما .. جاز أن يختلف حكماهما. انتهي، انتهى من "العون".
قال النووي: واختلف العلماء في ذلك: فقال أبو حنيفة والكوفيون والشعبي والحكم والأوزاعي والليث والأندلسيون من أصحاب مالك: لا يحكم بشاهد ويمين في شيء من الإحكام.
وقال جمهور علماء الإسلام؛ من الصحابة والتابعين ومن بعدهم من علماء الأمصار: يقضى بشاهد ويمين المدعي في الأموال وما يقصد به الأموال، وبه قال أبو بكر الصديق وعلي وعمر بن عبد العزيز ومالك والشافعي وأحمد وفقهاء المدينة وسائر علماء الحجاز ومعظم علماء الأمصار رضي الله تعالى عنهم، وحجتهم: أنه جاءت أحاديث كثيرة في هذه المسألة من رواية علي وابن عباس وزيد بن ثابت وجابر وأبي هريرة وعمارة بن حزم وسعد بن عبادة وعبد الله بن عمرو بن العاص والمغيرة بن شعبة رضي الله تعالى عنهم.