وهذا السند من سداسياته، وحكمه: الصحة؛ لأن رجاله ثقات أثبات.
حالة كونهما (يرفعان) هذا (الحديث إلى النبي صلى الله عليه وسلم، قال) النبي صلى الله عليه وسلم: (لا يحل للرجل) ولا المرأة (أن يعطي العطية، ثم يرجع) بالنصب عطفًا على يعطي؛ أي: ثم يرجع (فيها) أي: في عطيته (إلَّا الوالد) بالنصب على الاستثناء؛ فله أن يرجع (فيما يعطي ولده) واحتج بهذا الحديث من قال بتحريم الرجوع في الهبة إلَّا هبة الوالد لولده؛ وهم الجمهور.
قال القاضي رحمه الله تعالى: حديث ابن عباس وابن عمر نص صريح على أن جواز الرجوع في الهبة مقصور على ما وهب الوالد لولده، وإليه ذهب الشافعي، وعكس الثوري وأصحاب أبي حنيفة، وقالوا: لا رجوع للواهب فيما وهب لولده أو لأحد من محارمه أو لأحد الزوجين فيما وهب للآخر، وله الرجوع فيما وهب للأجانب، وجوز مالك الرجوع مطلقًا إلَّا في هبة أحد الزوجين من الآخر.
وأول بعض الحنفية هذا الحديث بأن قوله:" لا يحل" معناه: التحذير عن الرجوع لا نفي الجواز عنه؛ كما في قولك: لا يحل للواجد رد السائل.
وقوله:"إلَّا الوالد لولده" معناه: أن له أن يأخذ ما وهب لولده، ويتصرف في نفقته وسائرِ ما يجب له عليه وقت الحاجة؛ كسائر أمواله استيفاءً لحقه من مالِه، لا استرجاعًا لما وهب ونقضًا للهبة، وهو مع بعده عدول عن الظاهر بلا دليل. انتهى كلام القاضي.