والعمرى في اللغة: ما يجعل لك طول عمرك، وقال ثعلب: هو أن يدفع الرجل دارًا إلى أخيه، فيقول له: هذه لك عمرك أو عمري؛ أينا مات .. دفعت الدار إلى أهله، وكذلك كان فعلهم في الجاهلية، يقال: قد عمَّرته إياه أو أعمرته؛ أي: جعلته له عمره أو عمري؛ أي: يسكنها مدة عمره، فإذا مات .. عادت إلي، والعمرى اسم مصدر من كلّ ذلك؛ كالرجعى، وألفه للتأنيث، كذا في "تاج العروس".
وشرعًا: تمليك بلا عوض بصيغة: عمرى.
وهي هبة مؤبدة لا ترجع إلى واهبها، والشرط فيها باطل. انتهى.
وقال القرطبي: العمرى في اللغة: هي أن يقول الرجل للرجل: هذه الدار لك عمري أو عمرك، وأصلها من العمر، قاله أبو عبيد.
وقال غيره: أعمرته الدار: جعلتها له عمره، وقال الحربي: سمعت ابن الأعرابي يقول: لَمْ يختلف العرب في أن هذه الأشياء على ملك أربابها؛ يعني: العمرى والرقبى والسكنى والإطراق والمنحة والعارية والعرية والإفقار؛ من أفقرته بهذه الدار؛ أي: أغنيته وأخرجته من الفقر بها ومنافعها لمن جعلت له.
قلت: وعلى هذا؛ فالعمرى الواردة في الحديث حقها أن تحمل على هذا، فتكون تمليك منافع الرقبة مدة عمر من قيدت بعمره، فإن لَمْ يذكر عقبًا فمات المعمر .. رجعت إلى الذي أعطاها ولورثته، فإن قال: هي لك ولعقبك .. لَمْ ترجع إلى الذي أعطاها إلَّا أن ينقرض العقب، وعلى هذا؛ فيكون الإعمار بمعنى الإسكان، إذا قيده بالعمر، غير أن الأحاديث التي جاءت في هذا الباب تقتضي بحكم ظاهرها أنَّها تمليك الرقبة بصيغة العمرى. انتهى من "الكوكب".