وفي "النيل": وقد استدل بهذا الحديث على أنه لا يجوز للمرأة أن تعطي عطية من مالها بغير إذن زوجها ولو كانت رشيدة، وقد اختلف في ذلك: فقال الليث: لا يجوز لها ذلك مطلقًا لا في الثلث ولا فيما دونه إلَّا في الشيء التافه، وقال طاووس ومالك: إنه يجوز لها أن تعطي مالها بغير إذنِهِ في الثلث لا فيما فوقه، فلا يجوز إلَّا بإذنه، وذهب الجمهور إلى أنه يجوز لها مطلقًا من غير إذن من الزوج إذا لَمْ تكن سفيهة، فإن كانت سفيهة .. لَمْ يجز.
قال في "الفتح": وأدلة الجمهور من الكتاب والسنة ثم الأثر ثم المعقول كثيرة. انتهى ما في "النيل"، انتهى منه.
وشارك المؤلف في رواية هذا الحديث: أبو داوود في كتاب البيوع والإجارات، باب عطية المرأة بغير إذن زوجها، والنسائي، وفي "تحفة الأشراف" رقم (٨٧٧٩): انفرد به ابن ماجة، وليس بصواب.
قال السندي: قوله: "لا يجوز لامرأة في مالها" أمر؛ كما في رواية أبي داوود، وقال الخطابي: أخذ به الإمام مالك، قلت: ما أخذه بإطلاقه، ولكن أخذ فيما زاد على الثلث، وهو عند أكثر العلماء على معنى حسن العشرة، واستطابة نفس الزوج.
ونقل عن الإمام الشافعي أن الحديث ليس بثابت، وكيف نقول به والقرآن يدلُّ على خلافه ثم السنة ثم الأثر ثم المعقول؟ ! ويمكن أن يكون هذا في موضع الاختيار مثل:"ليس للمرأة أن تصوم وزوجها حاضر إلَّا بإذنه"، وقد أعتقت ميمونة قبل أن يعلم النبي صلى الله عليه وسلم، فلم ينكر ذلك عليها، فدل هذا مع غيره على أن هذا الحديث إن ثبت .. فهو محمول على