(وإذا أتبع أحدكم) بالبناء للمفعول؛ من الاتباع؛ وهو أن يجعل غيره يطالب ثالثًا؛ وهو إحالة الدين على الثالث؛ أي: إذا أحيل أحدكم بدينه (على) محال عليه (مليء) - بهمز آخره - فعيل من ملؤ الرجل بوزن كرم؛ إذا صار غنيًا، فهو مليء، ورواه بعضهم بتشديد الياء، فكأنه الهمزة؛ ولهذا قال الكرماني: الملي كالغني لفظًا ومعنىً، ورد بأن أصله مهموز.
(فليتبع) - بفتح الياء وإسكان التاء أمر من باب سمع - أي: إذا أحيل أحدكم على محال عليه موسر .. فليحتل؛ وذالك لما فيه من التيسير على المديون.
والأمر فيه محمول على الندب عند الجمهور؛ لأنه من باب المعروف والتيسير على المعسر.
وحمله داوود على الوجوب؛ تمسكًا بظاهر الأمر، فليس بصحيح؛ لأن ملك الذمم كملك الأموال، وقد أجمعت الأمة على أن الإنسان لا يجبر على المعاوضة بشيء من ملكه بملك غيره، فكذلك الذمم.
وأيضًا فإن نقل الحق من ذمة إلى ذمة تيسير على المعسر وتنفيس عنه، فلا يجب، وإنما هو من باب المعروف بالاتفاق.
وإذا تقرر ذلك .. فالحوالة معناها: تحويل الدين من ذمة إلى ذمة، وهي مستثناة من بيع الدين بالدين؛ لما فيها من الرفق والمعروف، ولها أركان وشروط مبسوطة في الفروع. انتهى من "المفهم".
وشارك المؤلف في رواية هذا الحديث: البخاري في كتاب الحوالة، باب إذا أحال على مليء .. فليس له رد، وفي كتاب الاستقراض، باب مطل الغني ظلم، ومسلم في كتاب المساقاة، باب تحريم مطل الغني، وأبو داوود في كتاب